الحنفي، وكان من ظرفاء العلماء، فقال: كدت أيها الشيخ أحلم بك في اليقظة، وأشتمل عليك دون الحفظة؛ لأنك قد ملكت مني غاية المكانة والحظة «١» ، والله ما أسغت بعدك ريقا، إلا على جرض، ولا سلكت دونك طريقا، إلا على مضض، ولا وجدت للظرف سوقا، إلا بالعرض. سقى الله ربعا أنت ساكنه «٢» بنزاهتك، وطبعا أنت طابنه «٣» ببراعتك، ومغرسا أنت ينعه «٤» بنباهتك [وأصلا أنت فرعه بفقاهتك] .
وقال للعباداني «٥» : أيها القاضي أيسرّك ان أشتاقك وتسلو عني، وأن أسأل عنك وتنسلّ مني، وأن أكاتبك فتتغافل، وأطالبك بالجواب فتتكاسل؟! وهذا ما لا أحتمله من صاحب خراسان، ولا يطمع في مثله مني ملك بني ساسان. متى كنت منديلا ليد، ومتى نزلت على هذا الحدّ لأحد؟ إن انكفأت عليّ بالعذر انكفاء، وإلّا اندرأت عليك بالعذل اندراء، ثم لا يكون لك قرار بحال، ولا يبقى لك بمكاني استكثار إلا على وبال وخبال. ثم طلع أبو طالب العلوي، فقال: أيها الشريف جعلت حسناتك عندي سيئات، ثم أضفت إليها هنات، ولم تفكّر في ماض ولا آت. أضعت العهد، وأخلفت الوعد، وحققت النحس وأبطلت السعد. وحلت سرابا للحيران، بعد ما كنت شرابا للحرّان. وظننت أنك قد شبعت مني، واعتضت عنّي هيهات وأنّى [لك] بمثلي، أو بمن يعثر في ذيلي، أو له نهار كنهاري أو ليل كليلي.
وهل عائض منّي وإن جلّ عائض
أنا واحد هذا العالم، وأنت بما تسمع عالم. لا إله الا الله سبحان الله، أيها الشريف، أين الحقّ الذي وكّدناه أيام كادت الشمس تزول، والزمان علينا يصول، وأنا أقول وأنت تقول، والحال بيننا يحول؟! سقى الله ليلة تشييعك وتوديعك، وأنت