فأقبل عليه بغيظ وقال: ما عرفتك الا متعجرفا جاهلا، أما كان لك بالجماعة أسوة؟! قلت «١» لأبي السلم نجبة بن عليّ القحطاني الشاعر: أين ابن عباد من ابن العميد؟ فقال: زرتهما منتجعا ورزتهما جميعا، كان ابن العميد أعقل وكان يدّعي الكرم، وابن عباد أكرم ويدعي العقل، وهما في دعواهما كاذبان وعلى سجيتهما جاريان. أنشدت يوما على باب ذاك قول الشاعر:
إذا لم يكن للمرء في ظلّ دولة «٢» ... جمال ولا مال تمنّى انتقالها
وما ذاك من بغض لها غير أنه ... يؤمّل أخرى فهو يرجو زوالها
فرفع إليه إنشادي فأخذني وأوعدني وقال: انج بنفسك، فإني إن رأيتك بعد هذا أو لغت الكلاب دمك. وكنت قاعدا على باب هذا منذ أيام فأنشدت البيتين على سهو، فرفع الحديث إليه فدعاني ووهب لي دريهمات وخريقات وقال: لا تتمنّ انتقال دولتنا بعد هذا.
قال: وأبو السلم هذا من أغزر «٣» الناس في الشعر يحفظ الطّمّ والرّمّ.
وقال الخليلي «٤» : الرجل مجنون- يعني ابن عباد- وفي طباع المعلمين، سمعته يقول للتميمي الشاعر: كيف تقول الشعر؟ وإن قلت كيف تجيد؟ وان أجدت فكيف تغزر؟ وان غزرت فكيف تروم غاية وأنت لا تعرف ما الزهلق وما الهبلع وما العثلط وما الجلعلع وما القهقب وما القهبلس وما الخيسفوج وما الخزعبلة وما القذعملة وما العمرّط وما الجرفاس وما اللووس وما النعثل وما الطربال «٥» ، وما الفرق بين العذم