قطّر، وإذا فسا غبّر، وإذا ضرط كبّر، وإذا عفج عبّر. قال: وهذا سخف لا يليق بأصحاب الفرضة والذين اختلفوا إلى الخندق ودار بانوكة والزبيدية والرمادة والخلد.
قال «١» : وأنشد أبو دلف الخزرجي:
يا ابن عباد بن عباس ... بن عبد الله حرها
تنكر الجبر وقد ... أخرجت من دنياك كرها
قال «٢» : على أن عطاء ابن عباد لا يزيد على مائة درهم وثوب، إلى خمسمائة، وما يبلغ إلى الألف نادر، وما يوفي على الألف بديع، بلى قد نال به ناس من عرض جاهه على السنين ما يزيد قدره على هذا بأضعاف، وعدد هؤلاء قليل جدّا، وذلك بابتذال النفس وهتك الستر.
قال «٣» : ولقد بلغ من ركاكته أنه كان عنده أبو طالب العلوي، فكان إذا سمع منه كلاما يسجع فيه، وخبرا ينمّقه [ويرويه] يبلق «٤» عينيه، وينشز «٥» منخريه، ويري أنه قد لحقه غشي حتى يرشّ على وجهه ماء الورد، فإذا أفاق قيل: وما أصابك؟ ما عراك؟ ما الذي نالك وتغشّاك؟ فيقول: ما زال كلام مولاي يروقني ويؤنقني حتى فارقني لبي وزايلني عقلي «٦» واسترخت «٧» مفاصلي، وتخاذلت عرى قلبي، وذهل ذهني «٨» ، وحيل بيني وبين رشدي، فيتهلّل وجه ابن عباد عند ذلك ويتنفّش ويضحك «٩» عجبا وجهلا، ثم يأمر له بالحباء والتكرمة، ويقدّمه على جميع بني أبيه وعمه، ومن ينخدع هكذا فهو بالنساء الرّعن أشبه وبالصبيان الضعاف أمثل.