للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي في «تاريخه» من جلالة قدر الصاحب وعظم قدره في النفوس وحشمته ما لم يذكر لوزير قبله ولا بعده مثله، وأنا ذاكر ما ذكر على ما نسقه، قال: توفيت أمّ كافي الكفاة بأصبهان، وورد عليه الخبر فجلس للتعزية يوم الخميس للنصف من محرم سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وركب إليه سلطانه ووليّ نعمته فخر الدولة بن ركن الدولة معزيا، ونزل وجلس عنده طويلا يعزّيه ويسكّن منه، وبسط الكلام معه بالعربية، وكان يفصح بها، فسمعته يقول حين أراد القيام: أيها الصاحب هذا جرح لا يندمل، فأما سائر الأمراء والقواد مثل منوجهر بن قابوس ملك الجبل وفولاذ بن مانادر أحد ملوك الديلم وأبي العباس الفيروزان بن خالة فخر الدولة وغيرهم من الأكابر والأماثل فانهم كانوا يحضرون حفاة حسّرا، وكان كلّ واحد منهم إذا وقعت عينه على الصاحب قبّل الأرض، ثم يوالي بين ذلك إلى أن يقرب منه ويأمره بالجلوس فيجلس، وما كان يتحرك ولا يستوفز لأحد، بل كان جالسا على عادته في غير أيام التعزية، فلما أراد القيام من المعزّى بعد الثالث كان أول من أمر أن تقدّم إليه اللالكة «١» منوجهر بن قابوس، فإنه قال: يحمل إلى أبي منصور ما يلبسه، فقدم إليه ومنع من الخروج من الدار حافيا، ثم قدّم بعد ذلك الحجّاب والحاشية اللالكات «٢» إلى الجماعة، فعتب فولاذ بن مانادر والفولاذريدية عليه ذلك وقالوا: ميز منوجهر من بين الجماعة، فاحتجّ الصاحب ببيته العظيم ورياسته القديمة.

قال: وخطب كافي الكفاة ابنة أبي الفضل ابن الداعي لسبطه عباد بن الحسين، ووقع الإملاك في داره يوم الخميس لأربع خلون من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وكان يوما عظيما احتفل فيه كافي الكفاة، ونثر من الدنانير والدراهم شيئا كثيرا، ولذلك أنفذ فخر الدولة له على يدي أحد حجابه الكبار إلى هناك من النثار ما زاد على مائة طبق عينا وورقا، وحضر الفولاذريدية بأسرهم، فإن الابنة المزوجة كانت ابنة ديكونه بنت الحسن بن الفيروزان خالة فخر الدولة، وكان القوم أخوالها، وأضافهم

<<  <  ج: ص:  >  >>