للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن بن أحمد بن حمولة، والسياسة التي قد سنها هو باقية، وحشمة الوزارة ثابتة، والأمور على ما عهد في أيامه جارية. وكان لهما من الحشم والحاشية والتجمل والزينة مثل ما كان له بل كانا فوقه في الغنى والثروة، وان لم يلحقاه في الفضل والمكرمة.

قال غرس النعمة: حدث أبو إسحاق إبراهيم بن عيسى النصيبي قال: كان أبو الفتح علي بن أبي الفضل بن العميد قد دبّر على الصاحب ابن عباد حتى أزاله عن كتبة الأمير مؤيد الدولة، وأبعده عن حضرته بالريّ إلى أصفهان، وانفرد هو بتدبير الأمور لمؤيد الدولة كما كان يدبرها لأبيه ركن الدولة، واستدعى يوما ندماءه وعبأ لهم مجلسا عظيما، وأظهر من الزينة وآلات الفضة والذهب والصيني وما شاكله ما يفوت الحصر، وشرب واستفزّه الطرب، وكان قد شرب يومه وليلته، فعمل شعرا غني به وهو:

دعوت المنى ودعوت العلا ... فلما أجابا دعوت القدح

وقلت لأيام شرخ الشباب ... ألا إنّ هذا أوان الفرح

إذا بلغ المرء آماله ... فليس له بعدها مقترح

فلما غني بالشعر استطابه وشرب عليه إلى أن سكر، وقال لغلمانه: غطوا المجلس ولا تسقطوا منه شيئا لأصطبح في غد عليه، وقال لندمائه: باكروني، وقام إلى بيت منامه، وانصرف عنه الندماء، فدعاه مؤيد الدولة في السحر فلم يشكّ أنه لمهمّ، فقبض عليه، وأنفذ إلى داره من استولى على جميع ما فيها وأعاد ابن عباد إلى وزارته، وتطاولت بابن العميد النكبة حتى مات فيها كما ذكرناه في ترجمته. ثم وزر ابن عباد بعد مؤيد الدولة لأخيه فخر الدولة أخي عضد الدولة، فبقي في الوزارة ثماني عشرة سنة وشهورا، وفتح خمسين قلعة سلّمها إلى فخر الدولة لم يجتمع عشر منها لأبيه ولا لأخيه.

وسمع الصاحب الحديث وأملى، فحدث أبو الحسن علي بن محمد الطبري الكيا قال: لما عزم الصاحب ابن عباد على الاملاء، وهو وزير، خرج يوما متطلّسا متحنكا بزيّ أهل العلم فقال: قد علمتم قدمي في العلم، فأقرّوا له بذلك فقال: وأنا متلبّس بهذا الأمر وجميع ما أنفقته من صغري إلى وقتي هذا من مال أبي وجدي، ومع

<<  <  ج: ص:  >  >>