فكيف أخلص من بحر الذنوب وقد ... غرقت فيه على بعد من الشاطي
يا ربّ ما لي لا أرجو رضاك به ... إلا اعترافي بأني المذنب الخاطي
ومنه أيضا «١» :
لله يومي ببركة الحبش ... والصبح بين الضياء والغبش
والنيل تحت الرياح مضطرب ... كقائم في يمين مرتعش «٢»
ونحن في روضة مفوّفة ... دبّج بالنور عطفها ووشي
قد نسجتها يد الربيع لنا ... فنحن من نسجها على فرش
وأثقل الناس كلّهم رجل ... دعاه داعي الهوى فلم يطش
فعاطني الراح إنّ تاركها ... من سورة الهمّ غير منتعش
وسقّني بالكبار مترعة ... فهنّ أشفى لشدة العطش
قال محمد بن محمود: حدثني طلحة أن أبا الصلت اجتمع في بعض متنزهات مصر مع وجوه أفاضلها، ومعهم صبيّ «٣» صبيح الوجه عديم الشبه، قد نقّط نون صدغه على صفحة خدّه، فاستوصفوه إياه، فقال «٤» :
منفرد بالحسن والظّرف ... بحت لديه بالذي أخفي
لهفي بشكر وهو من تيهه ... في غفلة عني وعن لهفي
قد عوقبت أجفانه بالضنا ... لأنها أضنت ولم تشف
قد أزهر الورد على خدّه ... لكنه ممتنع القطف
كأنما الخال به نقطة ... قد قطرت من كحل الطّرف
قال: وحدثني أبو عبد الله الشامي، وكان قد درس عليه واقتبس ما لديه، أن الأفضل كان قد تغير عليه وحبسه بالاسكندرية في دار كتب الحكيم أرسطاطاليس،