حمزة بن يوسف السهمي: سألت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ الدارقطني عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، فحكى عن الوزير أبي الفضل ابن الفرات المعروف بابن حنزابة حكاية، قال الشيخ حمزة: ثم دخلت مصر وسألت الوزير أبا الفضل جعفر بن الفضل عن الباغندي، وحكيت له ما كنت سمعته من الدارقطني، فقال لي الوزير: لحقت الباغندي محمد بن محمد بن سليمان وأنا ابن خمس سنين، ولم أكن سمعت منه شيئا، وكان للوزير الماضي رحمه الله [يعني أباه] حجرتان إحداهما للباغندي يجيئه يوما ويقرأ له والأخرى لليزيدي. قال أبو الفضل، سمعت أبي رحمه الله يقول: كنت يوما مع الباغندي في الحجرة يقرأ لي كتب أبي بكر ابن أبي شيبة، فقام الباغندي إلى الطهارة، فمددت يدي إلى جزء معه من حديث أبي بكر، فإذا على ظهره مكتوب «مربع» والباقي محكوك، فرجع الباغندي فرأى الجزء في يدي فتغير وجهه، وسألته وقلت: أيش هذا مربع؟ فغير ذلك ولم أفطن له، لأني أول ما كنت دخلت في كتبة «١» الحديث، ثم سألت عنه فإذا الكتاب لمحمد بن إبراهيم مربع «٢» سمعه من أبي بكر ابن أبي شيبة.
قرأت في تاريخ لابن زولاق الحسن بن إبراهيم في «أخبار سيبويه الموسوس»«٣» قال: ورأى سيبويه جعفر بن الفضل بن الفرات بعد موت كافور، وقد ركب في موكب عظيم، فقال: ما بال أبي الفضل قد جمع كتّابه، ولفق أصحابه، وحشد بين يديه حجابه، وأشمّ «٤» أنفه، وساق العساكر خلفه؟! أبلغه أن الإسلام طرق، أو أن ركن الكعبة سرق [فخرج لهذا الأمر ينكره] ؟ فقال له رجل: هو اليوم صاحب الأمر ومدبر الدولة، فقال: يا عجبا أليس بالأمس نهب الأتراك داره، ودكدكوا آثاره «٥» ، وأظهروا عواره، وهم اليوم يدعونه وزيرا، ثم صيّروه أميرا، ما عجبي منهم