كيف نصبوه، بل عجبي [منه] كيف تولّى أمرهم وأمن غدرهم «١» .
قال الحافظ أبو القاسم: ذكر بعض أهل العلم، وأظنه محمد بن أبي نصر الحميدي، أن الوزير أبا الفضل ابن حنزابة حدث بمصر سنة سبع وثمانين وثلاثمائة مجالس إملاء خرّجها الدارقطني وعبد الغني بن سعيد، وكانا كاتبيه ومخرّجيه، وكان كثير الحديث جمّ السماع، مكرما لأهل العلم مطعما لأهل الحديث، استجلب الدارقطني من بغداد وبرّ إليه وخرّج له المسند، وقد رأيت عند أبي إسحاق الحبّال «٢» من الأجزاء التي خرّجت له جملة كثيرة جدا، في بعضها الموفي ألفا من مسند كذا، والموفي خمسمائة من مسند كذا، وهكذا هي سائر المسندات. وقد أعطى الدارقطني مالا كثيرا، وأنفق عليه نفقة واسعة، ولم يزل في أيام عمره يصنع أشياء من المعروف عظيمة، وينفق نفقات كثيرة على أهل الحرمين من أصناف الأشراف وغيرهم إلى أن تم له أن اشترى بالمدينة دارا إلى جانب المسجد من أقرب الدور إلى القبر، ليس بينها وبين القبر إلا حائط وطريق في المسجد، وأوصى أن يدفن فيها، وقرر عند الأشراف ذلك فسمحوا له بذلك وأجابوه اليه، فلما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين، فخرجت الأشراف من مكة والمدينة لتلقيه والنيابة في حمله، إلى أن حجّوا به وطافوا ووقفوا بعرفة، ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه في الدار التي أعدها لذلك.
قرأت بخط الشريف النسابة محمد بن أسعد بن علي الجواني المعروف بابن النحوي: كان الوزير جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابة يهوى النظر الى الحشرات من الأفاعي والحيّات والعقارب وأم أربعة وأربعين وما يجري هذا المجرى، وكان في داره التي تقابل دار الشنتكاني «٣» ومسجد ورش، وكانت للماذرائي قبل ذلك قاعة لطيفة مرخّمة «٤» فيها سلل الحيات «٥» ، ولها قيّم فراش حاو «٦»