هلال بن المحسن: في هذه السنة- يعني في سنة سبعين- مات الحسن بن بشر الآمدي بالبصرة.
وقال أبو علي المحسن التنوخي «١» حدثني أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي، كاتب القضاة من بني عبد الواحد بالبصرة، وله شعر حسن واتساع تامّ في الأدب، ودراية وحفظ وكتب مصنفة، قال: حدثني أبو إسحاق الزجاج قال: كنا ليلة بحضرة القاسم بن عبيد الله نشرب، وهو وزير، فغنت بدعة جارية عريب «٢» :
أدلّ فأكرم به من مدلّ ... ومن ظالم لدمي مستحلّ
إذا ما تعزز قابلته ... بذلّ وذلك جهد المقلّ
وأسلمت خدّي له خاضعا ... ولولا ملاحته لم أذلّ «٣»
فأدّت فيه صنعة حسنة جدّا، فطرب القاسم عليه طربا شديدا واستحسن الصنعة جدّا والشعر فأفرط، فقالت بدعة: يا مولاي إن لهذا الشعر خبرا حسنا أحسن منه، قال: وما هو؟ قالت: هو لأبي خازم «٤» القاضي، قال: فعجبنا من ذلك، مع شدة تقشف القاضي أبي خازم وورعه وتقبّضه «٥» ، فقال لي الوزير: بالله يا أبا إسحاق اركب «٦» إلى أبي خازم واسأله عن هذا الشعر وسببه، فباكرته وجلست حتى خلا وجهه ولم يبق إلا رجل بزيّ القضاة عليه قلنسوة، فقلت: بيننا شيء أقوله على خلوة، فقال: ليس هذا ممن أكتمه شيئا، فقصصت عليه الخبر، وسألت عن الشعر والخبر، فتبسّم ثم قال: هذا شيء كان في الحداثة، قلته في والدة هذا- وأومأ الى القاضي الجالس وإذا هو ابنه- وكنت إليها مائلا، وكانت لي مملوكة ولقلبي مالكة، فأما الآن