ولأبي القاسم تصانيف كثيرة جيدة مرغوب فيها منها «كتاب الموازنة بين البحتري وأبي تمام» في عشرة أجزاء وهو كتاب حسن، وإن كان قد عيب عليه في مواضع منه، ونسب إلى الميل مع البحتري فيما أورده، والتعصّب على أبي تمام فيما ذكره، والناس بعد فيه على فريقين: فرقة قالت برأيه حسب رأيهم في البحتري وغلبة حبّهم لشعره، وطائفة أسرفت في التقبيح لتعصّبه، فإنه جدّ واجتهد في طمس محاسن أبي تمام وتزيين مرذول البحتري. ولعمري إن الأمر كذلك، وحسبك أنه بلغ في كتابه إلى قول أبي تمام:
أصمّ بك الناعي وإن كان أسمعا
وشرع في إقامة البراهين على تزييف هذا الجوهر الثمين، فتارة يقول: هو مسروق، وتارة يقول: هو مرذول، ولا يحتاج المنصف إلى أكثر من ذلك؛ إلى غير ذلك من تعصباته، ولو أنصف وقال في كلّ واحد بقدر فضائله لكان في محاسن البحتري كفاية عن التعصب بالوضع من أبي تمام.
وله أيضا «كتاب الخاص والمشترك» تكلم فيه على الألفاظ والمعاني التي تشترك العرب فيها ولا ينسب مستعملها إلى السرقة وإن كان سبق إليها، وبيّن الخاصّ الذي ابتدعه الشعراء وتفردوا به ومن اتبعهم، وما أقصر في إيضاح ذلك وتحقيقه، إلى غير ذلك من تصانيفه التي ذكرنا منها ما قدرنا عليه فيما تقدم.