وقال في أبي محمد المافروخي، وكان عالما فاضلا لا يجارى لكنه كان تمتاما:
لا تنظرنّ إلى تتعتعه إذا ... رام الكلام ولفظه المعتاص
وانظر إلى الحكم التي يأتي بها ... تشفيك عند تطلّق وخلاص
فالدرّ ليس يناله غوّاصه ... حتى تقطّع أنفس الغوّاص
وفي «النشوار»«١» : حدثني أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي قال، قال أبو أحمد طلحة بن الحسن بن المثنّى، وقد تجارينا على خلوة الحديث فيما كان بينه وبين أبي القاسم البريدي وتدبير كلّ واحد منهما على صاحبه في القبض عليه، وأشرت عليه بأن يهرب ولا يقيم، وأنه لا يجب أن يغترّ «٢» ، فقال: لست أفكر في هذا الرجل لأمور «٣» كثيرة منها: رؤيا رأيتها منذ ليال كثيرة، فقلت: ما هي؟ فقال: رأيت ثعبانا عظيما قد خرج من هذا الحائط، وأومأ بيده إلى حائط في مجلسه، وهو يريدني، فطلبته [وضربته] فأثبتّه في الحائط، فتأولت ذلك أن الثعبان البريديّ وأني أغلبه؛ قال: فحين قال: «فأثبتّه في الحائط» سبق إلى قلبي أنّ البريديّ هو الثابت، وأن الحائط حياطة له «٤» دون أبي أحمد، فأردت أن أقول له إن الخبر مستفيض بما كان عبد الملك رأى في منامه كأنه وابن الزبير اصطرعا في صعيد من الأرض، فطرح ابن الزبير عبد الملك تحته على الأرض، وأوتده بأربعة أوتاد فيها، وأنه أنفذ راكبا إلى البصرة حتى لقي ابن سيرين فقصّ عليه الرؤيا كأنها له، وكتم [ذكر] ابن الزبير، فقال له ابن سيرين: هذه الرؤيا ليست رؤياك فلا أفسّرها لك، فألحّ عليه فقال له:
هذه الرؤيا يجب أن تكون لعبد الملك، فإن صدقتني فسّرتها لك، فقال: هو كما وقع لك، فقال: قل له إن صحّت رؤياك هذه فستغلب ابن الزبير على الأرض، ويملك الأرض من صلبك أربعة ملوك. فمضى الرجل إلى عبد الملك فأخبره، فعجب من فطنة ابن سيرين، فقال: ارجع إليه فقل له من أين قلت ذلك؟ فرجع الرجل إليه فقال