إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِنَّ فَوْقِيَّةَ الْفَضَائِلِ وَالْآدَابِ هِيَ الَّتِي كَانَتْ وَسَتَبْقَى كَذَلِكَ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ أَقُولُ: فِيهِ الْتِفَاتٌ عَنِ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ، وَبِذَلِكَ يَشْمَلُ الْمَسِيحَ وَالْمُخْتَلِفِينَ مَعَهُ وَيَشْتَمِلُ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ أَتْبَاعِهِ وَالْكَافِرِينَ بِهِ، وَاللهُ هُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ لَهُمْ جَمِيعًا يَوْمَ الْحِسَابِ الْحَقَّ فِي كُلِّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ بِمَا يُزِيلُ شُبَهَ الْمُشْتَبِهِينَ وَرِيَاءَ الْجَاحِدِينَ.
فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ وَكَذَلِكَ عَذَّبَ اللهُ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ بِتَسْلِيطِ الْأُمَمِ عَلَيْهِمْ وَبِحُكْمِهَا فِيهِمْ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ [٤١: ١٦] هُنَاكَ كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يُنْصَرُوا هُنَا وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ إِمَّا فِي الدَّارَيْنِ وَهُوَ الْغَالِبُ فِي الْأُمَمِ، وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ فَقَطْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ بِالْخُرُوجِ عَنْ سُنَنِ الْفِطْرَةِ وَالْكُفْرِ بِالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُطَالِبُونَ النُّفُوسَ بِتَقْوِيمِهَا.
ذَلِكَ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ خَبَرِ عِيسَى نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نَبُّوتِكَ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ الَّذِي يُبَيِّنُ وُجُوهَ الْعِبَرِ فِي الْأَخْبَارِ وَالْحِكَمِ فِي الْأَحْكَامِ، فَيَهْدِي الْمُؤْمِنِينَ إِلَى لُبَابِ الدِّينِ وَفِقْهِ الشَّرِيعَةِ وَأَسْرَارِ الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ لِيَتَّعِظَ الْمُتَّعِظُونَ، وَيَصِلَ إِلَى مَقَامِ الْحِكْمَةِ الْعَارِفُونَ. وَلَيْسَ لَدَيْنَا عَنِ الْأُسْتَاذِ
الْإِمَامِ شَيْءٌ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ.
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute