للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يُقْرَنْ بِالْفَاءِ كَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ٦: ١٣٥ إِذِ الْمُرَادُ هُنَالِكَ أَنَّ مَا قَبْلَ " سَوْفَ " سَبَبٌ لِمَا بَعْدَهَا، وَقَطْعُهَا هُنَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً فِي الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ ; لِاقْتِضَاءِ تَهْدِيدِ الْكَفَّارِ إِيَّاهُ بِالرَّجْمِ، أَنْ يُبَالِغَ فِي تَهْدِيدِهِمْ وَإِظْهَارِ عَزَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ بِالْحَقِّ.

وَتَقْدِيرُهُمَا: فَإِنْ قُلْتُمْ: مَاذَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِكَ؟ أَقُلْ لَكُمْ: - سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ - وَيُذِلُّهُ. أَنَا أَمْ أَنْتُمْ، - وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ - فِي قَوْلِهِ وَمَنْ هُوَ صَادِقٌ مِنِّي وَمِنْكُمْ؟ وَقَدْ كَانُوا أَنْذَرُوهُ غَيْرَ الرَّجْمِ الَّذِي وُجِدَ الْمَانِعُ مِنْهُ: أَنْذَرُوهُ إِنْذَارًا مُؤَكَّدًا بِالْقَسَمِ مَا حَكَاهُ اللهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: - قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا - ٧: ٨٨ إِلَخْ. فَهُوَ يُعَرِّضُ بِكَذِبِهِمْ فِي كُلِّ مَا صَدَرَ عَنْهُمْ مِمَّا حَكَاهُ اللهُ عَنْهُمْ هُنَا وَهُنَاكَ، مُوقِنًا بِوُقُوعِ مَا أَنْذَرَهُمْ بِهِ، وَهُوَ بُرْهَانٌ عَلَى أَنَّهُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنَ اللهِ بِهِ - وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ - وَانْتَظِرُوا مُرَاقِبِينَ لِمَا سَيَقَعُ إِنِّي مَعَكُمْ مُرَاقِبٌ مُنْتَظِرٌ لَهُ، رَقِيبٌ هُنَا بِمَعْنَى مُرَاقِبٍ، كَعَشِيرٍ بِمَعْنَى مُعَاشِرٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ.

- وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا - بِعَذَابِهِمُ الَّذِي أَنْذَرُوهُ - نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا - خَاصَّةً بِهِمْ دُونَ أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ مِثْلُهُ قَرِيبًا - وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ - أَيْ أَخَذَتْهُمْ صَيْحَةُ الْعَذَابِ الَّتِي أَخَذَتْ ثَمُودَ فَأَصْبَحُوا كُلُّهُمْ مَيِّتِينَ بَارِكِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ، مُكَبِّينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي دِيَارِهِمْ.

- كَأَنْ لَمْ يَغْنُوا فِيهَا - أَيْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا فِيهَا وَقْتًا مِنَ الْأَوْقَاتِ - أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ - أَيْ هَلَاكًا لَهُمْ وَبُعْدًا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ كَبُعْدِ الْهَلَاكِ وَاللَّعْنَةِ الَّتِي عُوقِبَتْ بِهَا ثَمُودُ مِنْ قَبْلِهِمْ فَإِنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الصَّيْحَةُ كَمَا فِي الْآيَةِ ٦٧ وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ، أَوَّلًا: فِي قَوْمِ لُوطٍ (١٥: ٧٣) وَذَكَرْنَاهُ فِي قِصَّتِهِمْ هُنَا، وَثَانِيًا: فِي أَصْحَابِ الْحِجْرِ وَهُوَ ثَمُودُ - فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ - ١٥: ٨٣ وَكَذَا فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ بِدُونِ تَصْرِيحٍ بِاسْمِهِمْ: - فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ -

٢٣: ٤١ وَفِي سُورَةِ الْقَمَرِ: - إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ - ٥٤: ٣١ وَتَقَدَّمَ فِي عَذَابِ ثَمُودَ وَمَدْيَنَ مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ أَنَّهُمْ " أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ " كَمَا فِي آيَتَيْ (٧: ٧٨ و٩١) وَمِثْلُهُمَا آيَةٌ (١٥٥) فِي السَّبْعِينَ الْمُخْتَارِينَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى، وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي مَدْيَنَ مِنْ سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ: - فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ - ٢٩: ٣٧ إِلَخْ. وَفِي سُورَةِ فُصِّلَتْ: " حم السَّجْدَةِ " فِي ثَمُودَ: - فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ - ٤١: ١٧ وَفِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ: - فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ - ٥١: ٤٤ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّيْحَةِ صَوْتُ الصَّاعِقَةِ، وَفِي (٢: ٥٥ و٤: ١٥٣) أَنَّ الصَّاعِقَةَ أَخَذَتْ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ قَالُوا لِمُوسَى: أَرِنَا اللهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>