للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِعُمُومِ الْعِبَادَةِ اللُّغَوِيِّ وَلَا بَاعِثَ عَلَى التَّأْوِيلِ أَوِ التَّحْرِيفِ، فَكَانُوا يُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ أَصْنَامَهُمْ وَيُسَمُّونَهَا آلِهَةً ; لِأَنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْمَعْبُودُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبًّا خَالِقًا، وَيَقُولُونَ كَمَا أَخْبَرَ اللهُ عَنْهُمْ: (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ) (١٠: ١٨) وَيُسَمُّونَهُمْ أَوْلِيَاءَ أَيْضًا (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى) (٣٩: ٣) الْآيَةَ. وَقَدْ فَعَلَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَنَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ سَمَّوْهُ تَوَسُّلًا وَأَنْكَرُوا تَسْمِيَتَهُ عِبَادَةً وَالتَّسْمِيَةُ لَا تُغَيِّرُ الْحَقَائِقَ وَكَذَلِكَ تَغْيِيرُ الْمَعْبُودَاتِ مِنَ الْبَشَرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَمَا يُذَكِّرُ بِهَا مِنْ صُورَةٍ وَتِمْثَالٍ أَوْ قَبْرٍ أَوْ تَابُوتٍ كَالتَّابُوتِ الَّذِي يَتَّخِذُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْهِنْدِ لِلشَّيْخِ الصَّالِحِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيِّ، فَكُلُّ تَعْظِيمٍ دِينِيٍّ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَوِ الْأَشْخَاصِ بِمَا ذُكِرَ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يَرِدْ بِهِ شَرْعٌ عِبَادَةٌ لَهَا وَإِشْرَاكٌ مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ وَمِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ شَرْعًا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ.

(قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)

تَقَرَّرَ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَ عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ - وَكَذَا غَيْرُهُ - إِلَّا بِإِذْنٍ مِنَ اللهِ فِي وَحْيِهِ إِلَى رُسُلِهِ. وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُفْتَرٍ عَلَى اللهِ تَعَالَى مُعْتَدٍ عَلَى مَقَامِ الرُّبُوبِيَّةِ، إِذْ لَا يُحَرِّمُ عَلَى الْعِبَادِ إِلَّا رَبُّهُمْ. وَأَنَّ مَنْ أَطَاعَهُ

فِي ذَلِكَ فَقَدِ اتَّخَذَهُ شَرِيكًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ. وَأَنَّ مِنْ هَذَا الشِّرْكِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى اللهِ تَعَالَى مَا حَرَّمَتِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنَ الْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ كَمَا فُصِّلَ فِي الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>