الْخَوَارِقِ الْكَوْنِيَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ مُرَادُهُ أَنَّهَا كَانَتْ رَطْبَةً كَرَامَةً لَهُ (وَهُوَ مَا جَرَيْنَا عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ الْقَصِيدَةِ فِي الْمَنَارِ - ٤٦٥ م ٩) وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ مَقَامُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْجَمْعِ، وَالْمُرَادُ مَقَامَاتُ إِبْرَاهِيمَ، أَيْ مَا قَامَ بِهِ مِنَ الْمَنَاسِكِ وَأَعْمَالِ الْحَجِّ وَالْمُتَبَادِرُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَمِمَّا عَدُّوهُ مِنَ الْآيَاتِ: قَصْمُ مَنْ يَقْصِدُهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ بِسُوءٍ كَأَصْحَابِ الْفِيلِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ مِنَ الْحَجَّاجِ وَمَنْ هُمْ شَرٌّ مِنَ الْحَجَّاجِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَعَدَمُ تَعَرُّضِ ضَوَارِي السِّبَاعِ لِلصَّيُودِ فِيهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرُ الضَّعْفِ إِذْ لَيْسَ ذَلِكَ آيَةً. وَعَدَمُ نَفْرَةِ الطَّيْرِ مِنَ النَّاسِ هُنَاكَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الطَّيْرَ تَأْلَفُ النَّاسَ لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِمْ لَهَا، وَلِذَلِكَ نَظَائِرُهُ فِي الْأَرْضِ.
وَانْحِرَافُ الطَّيْرِ عَنْ مُوَازَاتِهِ وَلَيْسَ بِمُتَحَقِّقٍ. وَكَوْنُ وُقُوعِ الْغَيْثِ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى الْخِصْبِ، فَإِذَا عَمَّهُ كَانَ الْخِصْبُ عَامًّا وَإِذَا وَقَعَ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهِ كَانَ الْخِصْبُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ مِنَ الْأَرْضِ، وَهِيَ آيَةٌ وَهْمِيَّةٌ.
وَلَعَمْرِي إِنَّ بَيْتَ اللهِ غَنِيٌّ عَنِ اخْتِرَاعِ الْآيَاتِ وَإِلْصَاقِهَا بِهِ مَعَ بَرَاءَتِهِ، فَحَسْبُهُ شَرَفًا كَوْنُهُ حَرَمًا آمِنًا وَمَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَمُبَارَكًا هَدًى لِلْعَالَمِينَ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ وَإِقْسَامُهُ - تَعَالَى - بِهِ وَمَا وَرَدَ عَنْ رَسُولِهِ فِي حُرْمَتِهِ وَتَحْرِيمِهِ وَفَضْلِهِ، كَكَوْنِهِ لَا يُسْفَكُ فِيهِ دَمٌ وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ - أَيْ لَا يُقْطَعُ نَبَاتُهُ - وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا تُمْلَكُ لُقَطَتُهُ، وَكَوْنُ قَصْدِهِ مُكَفِّرًا لِلذُّنُوبِ مَاحِيًا لِلْخَطَايَا، وَكَوْنُ
الْعِبَادَةِ الَّتِي تُؤَدَّى فِيهِ لَا تُؤَدَّى فِي غَيْرِهِ، وَكَوْنُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِيهِ رَمْزًا إِلَى مُبَايَعَةِ اللهِ - تَعَالَى - عَلَى إِقَامَةِ دِينِهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ فِيهِ، وَكَوْنُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفِ ضِعْفٍ فِي غَيْرِهِ. وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ تُطْلَبُ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ وَكُتُبِ السُّنَنِ.
قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
أَقُولُ لَمَّا أَقَامَ - سُبْحَانَهُ - الْحُجَّةَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَبَيَّنَ بُطْلَانَ شُبُهَاتِهِمْ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَوْنِهِ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ أَنْ يُبَكِّتَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ الْإِيمَانِ، وَابْتِغَائِهِ عِوَجًا، وَضَلَالِهِمْ بِذَلِكَ عَلَى عِلْمٍ. فَقَالَ: قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ فِي بَيْتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهِ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِعِبَادَتِهِ وَعَلَى بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute