للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَدٌّ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ قَوْلَهُ: أَنْ يُؤْتَى اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ، وَالْمَعْنَى: أَتَفْعَلُونَ مَا تَفْعَلُونَ مِنَ الْكَيْدِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ كِتْمَانِ الْحَقِّ عَنْ غَيْرِ أَبْنَاءِ دِينِكُمْ كَرَاهَةَ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ. . . إِلَخْ. وَعِنْدِي أَنَّ فِي الْكَلَامِ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا وَهُوَ أَنَّ كَرَاهَتَهُمْ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتُوا هُوَ سَبَبُ كَيْدِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ لِيَرْجِعُوا وَكَرَاهَتُهُمْ أَنْ يُحَاجَّهُمْ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ هُوَ سَبَبُ كِتْمَانِهِمْ ذَلِكَ عَمَّنْ لَمْ يَتْبَعْ

دِينَهُمْ أَوْ عَدَمِ الْإِيمَانِ لَهُمْ إِذَا هُمُ ادَّعَوْهُ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْأَخِيرِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - حِكَايَةً عَنْهُمْ: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ [٢: ٧٦] هَذَا مَا فَتَحَ اللهُ عَلَيَّ بِهِ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَمَا عَدَا هَذَا مِمَّا أَكْثَرُوا فِيهِ فَانْتِزَاعٌ بَعِيدٌ مِنَ الْبَلَاغَةِ لَا يَقْبَلُهُ الذَّوْقُ إِلَّا بِاسْتِكْرَاهٍ وَتَكَلُّفٍ، وَخَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ لِبَيَانِ سِعَةِ فَضْلِهِ وَإِحَاطَةِ عِلْمِهِ بِالْمُسْتَحِقِّ لَهُ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ الْيَهُودَ قَدْ ضَيَّقُوا بِزَعْمِهِمْ حَصْرَ النُّبُوَّةِ فِيهِمْ - هَذَا الْفَضْلُ الْوَاسِعُ - وَجَهِلُوا كُنْهَ هَذَا الْعِلْمِ الْمُحِيطِ.

ثُمَّ بَيَّنَ - تَعَالَى - أَنَّ فَضْلَهُ الْوَاسِعَ وَرَحْمَتَهُ الْعَامَّةَ تَابِعَةٌ لِمَشِيئَتِهِ لَا لِوَسَاوِسِ الْمَغْرُورِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ حَجَرُوهُمَا بِجَهْلِهِمْ فَقَالَ: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فَهُوَ يَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ نَبِيًّا وَيَبْعَثُهُ رَسُولًا، وَمَنِ اخْتَصَّهُ بِذَلِكَ فَإِنَّمَا يَخْتَصُّهُ بِمَحْضِ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ لَا بِعَمَلٍ قَدَّمَهُ، وَلَا لِنَسَبٍ شَرَّفَهُ وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُ - تَعَالَى - يُحَابِي الْأَفْرَادَ أَوِ الشُّعُوبَ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ، - تَعَالَى - اللهُ عَنْ ذَلِكَ.

وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>