للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اشْتَدَّ عَلَيْهِمْ لِيَفْتِنَهُمْ، وَأَنَّ مُوسَى اسْتَرْحَمَهُ أَلَّا يَفْعَلَ وَلَا يُشْمِتَ بِهِمُ الْمِصْرِيِّينَ، وَذَكَّرَهُ وَعْدَهُ سُبْحَانَهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِتَكْثِيرِ نَسْلِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ عَوْدَةِ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ وَمَا فَعَلَ، ثُمَّ قَالَ:

" ١٩ وَكَانَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَى الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ أَبْصَرَ الْعِجْلَ وَالرَّقْصَ فَحَمِيَ غَضَبُ مُوسَى وَطَرَحَ اللَّوْحَيْنِ مِنْ يَدَيْهِ وَكَسَرَهُمَا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ ٢٠ ثُمَّ أَخَذَ الْعِجْلَ الَّذِي صَنَعُوا وَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ وَطَحَنَهُ حَتَّى صَارَ نَاعِمًا وَذَرَّاهُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ وَسَقَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ٢١ وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِّيَّةً عَظِيمَةً ٢٢ فَقَالَ هَارُونُ لَا يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي عَلَيَّ، أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ إِنَّهُ فِي شَرٍّ ٢٣ فَقَالُوا لِيَ اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا " إِلَخْ.

ثُمَّ ذَكَرَ طَلَبَ مُوسَى مِنَ الرَّبِّ أَنْ يَغْفِرَ لِقَوْمِهِ، وَأَمَرَ الرَّبُّ إِيَّاهُمْ بِأَنْ يَقْتُلَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ - وَأَنَّ بَنِي لَاوِي فَعَلُوا ذَلِكَ فَقُتِلَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ رَجُلٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ مَا اسْتَحَقَّهُ الْقَوْمُ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى اتِّخَاذِ الْعِجْلِ، قَفَّى بِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ شَأْنِ مُوسَى مَعَ هَارُونَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فِي أَمْرِهِمْ؛ لِأَنَّ مَنْ سَمِعَ ذَاكَ أَوْ قَرَأَهُ تَسْتَشْرِفُ نَفْسُهُ لِمَعْرِفَةِ هَذَا، فَهُوَ إِذًا مِمَّا أَوْحَاهُ اللهُ - تَعَالَى - يَوْمَئِذٍ إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَالْمُرَادُ بِالْغَضَبِ الْإِلَهِيِّ فِيهِ: مَا اشْتَرَطَهُ تَعَالَى فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِمْ مِنْ قَتْلِ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ عَوْدَةِ مُوسَى إِلَى مُنَاجَاتِهِ فِي الْجَبَلِ. وَالذِّلَّةُ؛ مَا يَشْعُرُونَ بِهِ مِنْ هَوَانِهِمْ عَلَى النَّاسِ وَظَنِّهِمْ عِنْدَ لِقَاءِ كُلِّ أَحَدٍ أَنَّهُ يَتَذَكَّرُ بِرُؤْيَتِهِمْ مَا كَانَ مِنْهُمْ فَيَحْتَقِرَهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ هَذِهِ الذِّلَّةَ خَاصَّةٌ بِالسَّامِرِيِّ، وَهِيَ

مَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَاجْتِنَابِ النَّاسِ بِقَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>