للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دِينَانِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَامِرِ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ " قَالَ

الشَّافِعِيُّ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الَّتِي أَخْرَجَ عُمَرُ مِنْهَا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَمُخَالِيفِهَا، فَأَمَّا الْيَمَنُ فَلَيْسَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ اهـ. أَيْ لَيْسَ مِنَ الْجَزِيرَةِ الْمُرَادَةِ بِالْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ الْمُنَفِّذُ لِلْوَصِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ لَمْ يُخْرِجِ الْيَهُودَ مِنْهُ، فَبِهَذَا خَصُّوا لَفْظَ الْجَزِيرَةِ بِالْحِجَازِ، وَمِنْهُ أَرْضُ خَيْبَرَ فَإِنَّ عُمَرَ أَجْلَاهُمْ مِنْهَا. وَيَقُولُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَلَيْسَ هَذَا الْمَحِلُّ مَحِلَّ تَحْقِيقِهِ.

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ عُلِمَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ عَقَدَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَعَهُمُ الْعُهُودَ الَّتِي أَمَّنَهُمْ بِهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَحُرِّيَّةِ دِينِهِمْ، فَقَدْ خَانُوهُ وَنَقَضُوا عَهْدَهُ وَسَاعَدُوا عَلَيْهِ أَعْدَاءَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَخْرَجُوهُ هُوَ وَمَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ دِيَارِهِمْ وَوَطَنِهِمْ، ثُمَّ تَبِعُوهُمْ إِلَى مَهْجَرِهِمْ يُقَاتِلُونَهُمْ فِيهِ لِأَجْلِ دِينِهِمْ، وَأَنَّهُ بِذَلِكَ صَارَ جَمِيعُ أَهْلِ الْحِجَازِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْحَقِّ حَرْبًا لَهُ، الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ سَوَاءٌ، فَنَاسَبَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُبَيِّنَ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ الْحَرْبِ الَّتِي كَانَتْ أَمْرًا وَاقِعًا لَمْ يَكُونُوا هُمُ الْمُحْدِثِينَ لَهُ

وَلَا الْبَادِئِينَ بِالْعُدْوَانِ فِيهِ، كَمَا أَنَّهُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ فِي الْمُصَارَعَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>