للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَسَاءَ إِلَيْهَا، لَا لِعَيْبٍ فِي أَخْلَاقِهَا وَلَا لِسُوءٍ فِي أَعْمَالِهِ، بَلْ لِتَعَلُّقِ قَلْبِهِ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّ هَذَا الْفَاضِلَ الْكَرِيمَ يَرَى فِيهَا أَفْضَلَ صِفَاتِ الزَّوْجِيَّةِ الَّتِي يَتَسَاهَلُ لِأَجْلِهَا فِيمَا عَدَاهَا، فَإِنْ كَانَتْ فَتَاةً رَغِبَ فِيهَا الْفِتْيَانُ وَغَيْرُهُمْ، وَإِنْ كَانَتْ نَصَفًا رَغِبَ فِيهَا كَثِيرُونَ مِنْ أَمْثَالِهَا فِي السِّنِّ وَشَرَفِ الْأَدَبِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ رَغْبَةً فِي مِثْلِهَا مَنْ يَتَزَوَّجُونَ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، لَا لِمَحْضِ إِرْضَاءِ الشَّهْوَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ، وَهُمُ الَّذِينَ يُرْجَى أَنْ تَدُومَ لَهُمُ الْعِيشَةُ الْمَرْضِيَّةُ، كَذَلِكَ كَرَائِمُ النِّسَاءِ وَأَوْلِيَاؤُهُنَّ يَرْغَبُونَ فِي الرَّجُلِ إِذَا عَلِمُوا أَنَّهُ يُمْسِكُ

الْمَرْأَةَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ يُسَرِّحُهَا بِإِحْسَانٍ، وَلَا يُلْجِئُهُ إِلَى الطَّلَاقِ إِلَّا الْخَوْفُ مِنْ عَدَمِ إِقَامَةِ حُدُودِ اللهِ.

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيدًا وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلًا إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا.

اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللهِ فِي تَرْتِيبِ كِتَابِهِ أَنْ يَجِيءَ بَعْدَ تِلْكَ الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ فِي شُئُونِ النِّسَاءِ وَالْيَتَامَى أَوْ بَعْدَهَا وَبَعْدَ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ أَيْضًا، أَنْ يُعَقِّبَ عَلَيْهَا بِآيَاتٍ فِي الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ تُذَكِّرُ الْمُخَاطَبِينَ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ بِعَظَمَتِهِ وَسِعَةِ مُلْكِهِ وَاسْتِغْنَائِهِ عَنْ خَلْقِهِ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِمْ أَوْ إِثَابَتِهِمْ عَلَى طَاعَتِهِ فِيمَا شَرَعَهُ لَهُمْ لِخَيْرِهِمْ وَمَصْلَحَتِهِمْ، تُذَكِّرُهُمْ بِذَلِكَ لِيَزْدَادُوا بِتَدَبُّرِهَا إِيمَانًا يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ حُدُودِهَا، وَهِيَ هَذِهِ الْآيَاتُ:

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، مُلْكًا وَخَلْقًا وَعَبِيدًا، فَبِأَمْرِهِ وَحْدَهُ قَامَ نِظَامُ الْأَكْوَانِ، وَلَهُ وَحْدَهُ التَّدْبِيرُ وَالتَّكْلِيفُ الَّذِي يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُ الْإِنْسَانِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكُتَّابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ، فِي إِقَامَةِ سُنَنِهِ، وَإِقَامَةِ دِينِهِ وَشَرِيعَتِهِ، فَبِإِقَامَةِ السُّنَنِ تَعْلُو مَعَارِفُكُمُ الْإِلَهِيَّةُ، وَتَرْتَقِي مَرَافِقُكُمُ الدُّنْيَوِيَّةُ، وَبِإِقَامَةِ الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ الدِّينِيَّةِ، تَتَزَكَّى أَنْفُسُكُمْ وَتَنْتَظِمُ مَصَالِحُكُمُ الْمَدَنِيَّةُ وَالِاجْتِمَاعِيَّةُ وَإِنْ تَكْفُرُوا، نِعَمَهُ عَلَيْكُمْ وَتَتْرُكُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>