للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالشُّرْبِ، وَزِينَةِ اللِّبَاسِ، ابْتِغَاءَ الشُّهْرَةِ وَالْخُيَلَاءِ وَالتَّكَبُّرِ عَلَى النَّاسِ، وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ تَحْرِيمُهُ تَعَبُّدًا وَالْإِسْلَامُ يَأْمُرُ بِالْوَسَطِ وَالِاعْتِدَالِ (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ) (٦٥: ٧) الْآيَةَ

أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي الْحَوْصِ، وَهُوَ عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ

يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا رَثُّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: ((هَلْ لَكَ مَالٌ؟)) قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ((مِنْ أَيِّ الْمَالِ)) ؟ قُلْتُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ مِنَ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْغَنَمِ فَقَالَ: ((إِذَا آتَاكَ اللهُ مَالًا فَلْيَرَ عَلَيْكَ)) الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ أَصْحَابِ السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ عَنْهُ: ((إِذَا آتَاكَ اللهُ مَالًا فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ وَكَرَامَتُهُ)) وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالضِّيَاءُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ مَرْفُوعًا: ((إِذَا آتَاكَ اللهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَهُ عَلَى عَبْدِهِ حَسَنًا، وَلَا يُحِبُّ الْبُؤْسَ وَلَا التَّبَاؤُسَ)) وَالشُّكْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ بِحَسْبِ مُتَعَلِّقَاتِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَحْوَالِ، وَهِيَ مَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَلِعِبَادِهِ مِنَ اسْتِعْمَالِ نِعَمِهِ عَلَيْهِ فِيمَا يُرْضِيهِ مِنْ أَحْكَامِ شَرْعِهِ، وَمُوَافَقَةِ سُنَنِهِ وَحِكْمَتِهِ فِي خَلْقِهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ الصَّبْرُ، وَهُوَ مَا يَجِبُ فِي حَالِ وُقُوعِ الْمَكَارِهِ وَالِابْتِلَاءِ مِنْ عَمَلٍ بَدَنِيٍّ وَنَفْسِيٍّ وَيُضَادُّ الشُّكْرَ الْكُفْرُ وَهُوَ قِسْمَانِ: كُفْرُ النِّعَمِ، وَكُفْرُ الْمُنْعِمِ، وَأَنْصَحُ لِلْقَارِئِ أَنْ يُطَالِعَ كِتَابَ الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ فِي الْمُجَلَّدِ الرَّابِعِ مِنْ إِحْيَاءِ الْعُلُومِ لِلْغَزَالِيِّ.

(وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) .

لَمَّا ذَكَّرَ تَعَالَى عِبَادَهُ بِفَضْلِهِ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ شُكْرِهِ، وَبِكَوْنِ أَكْثَرِهِمْ لَا يَشْكُرُونَهُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ - عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ تَذْكِيرَهُ لَهُمْ بِإِحَاطَةِ عِلْمِهِ بِشُئُونِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ كُلِّهَا، صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، وَبِكُلِّ مَا فِي الْعَوَالِمِ عُلْوِيِّهَا وَسُفْلِيِّهَا، لِيُحَاسِبُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى تَقْصِيرِهِمْ فِي ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَبَدَأَ بِخِطَابِ أَعْظَمِهِمْ شَأْنًا فِي أَعْظَمِ شُئُونِهِ فَقَالَ: وَمَا تَكُونُ أَيُّهَا الرَّسُولُ فِي شَأْنٍ أَيْ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ الْمُهِمَّةِ الْخَاصَّةِ

بِكَ أَوِ الْعَامَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>