للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّلَاثِينَ مِنَ الْمَنَارِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ الْمُؤَيَّدَةُ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الصَّرِيحِ فِي حَصْرِ مُعْجِزَةِ نُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُرْآنِ، وَكَوْنَ الْآيَاتِ الْمُقْتَرَحَةِ تَقْتَضِي إِجَابَةُ مُقْتَرِحِيهَا عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ، هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَنْهَضُ لِمُعَارَضَتِهِ شَيْءٌ، وَسَنَعُودُ إِلَيْهَا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْقَمَرِ إِنْ أَحْيَانَا اللهُ تَعَالَى وَوَفَّقَنَا لِإِتْمَامِ التَّفْسِيرِ بِفَضْلِهِ.

(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ

عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) .

لَمَّا كَانَ الْجَوَابُ عَنِ اقْتِرَاحِهِمُ الْآيَةَ الْكَوْنِيَّةَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى النُّبُوَّةِ يَتَضَمَّنُ - بِمَعُونَةٍ مَا يُفَصِّلُهُ مِنَ الْآيَاتِ - أَنَّ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ الْمُعَانِدِينَ لَا يَقْتَنِعُونَ بِالْآيَاتِ، وَأَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْهَا بِأَعْيُنِهِمْ يُكَابِرُونَ حِسَّهُمْ وَلَا يُؤْمِنُونَ، ضَرَبَ اللهُ تَعَالَى مَثَلًا لَهُ فِي آيَاتِهِ الْكَوْنِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ فِي أَفْعَالِهِ وَحِكَمِهِ فِيهَا، وَمَا لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُعَانِدِينَ مِنَ الْمَكْرِ فِيهَا وَكَوْنِهَا لَا تَزِيدُهُمْ إِلَّا ضَلَالًا فَقَالَ:

(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ هَذِهِ الشَّرْطِيَّةُ مُنْتَظِمَةٌ مَعَ أُخْتَيْهَا فِي الْآيَتَيْنِ ١٢ و١٥ فِي نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَالذَّوْقُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ: إِدْرَاكُ الطَّعْمِ بِالْفَمِ، وَالْمُدْرِكُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>