وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرَضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
هَاتَانِ الْآيَتَانِ مَعْطُوفَتَانِ عَلَى الْآيَاتِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَهَا ; لِبَيَانِ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّضَادِّ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا الْإِيمَانُ - الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُنَافِقُونَ كَذِبًا وَتَقِيَّةً - وَالْجَزَاءُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى الْوِلَايَةِ
بِمَعْنَاهَا الْعَامِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا (٢: ٢٥٧) وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنْ أَجْزَاءِ التَّفْسِيرِ وَوِلَايَةُ النُّصْرَةِ الْحَرْبِيَّةِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي مَوَاضِعَ أَهَمُّهَا فِي شَأْنِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (٥: ٥١) وَفِي وِلَايَةِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَالْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: (٨: ٧٢ و٧٣) وِلَايَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَعُمُّ وِلَايَةَ النُّصْرَةِ وَوِلَايَةَ الْأُخُوَّةِ وَالْمَوَدَّةِ، وَلَكِنَّ نُصْرَةَ النِّسَاءِ تَكُونُ فِيمَا دُونَ الْقِتَالِ بِالْفِعْلِ، فَلِلنُّصْرَةِ أَعْمَالٌ كَثِيرَةٌ، مَالِيَّةٌ وَبَدَنِيَّةٌ وَأَدَبِيَّةٌ، وَكَانَ نِسَاءُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَنِسَاءُ أَصْحَابِهِ يَخْرُجْنَ مَعَ الْجَيْشِ يَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُجَهِّزْنَ الطَّعَامَ، وَيُضَمِّدْنَ جِرَاحَ الْجَرْحَى، وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ كَانَتْ هِيَ وَأُمُّ سُلَيْمٍ وَغَيْرُهُمَا يَنْقُزْنَ قِرَبَ الْمَاءِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَيُسْرِعْنَ بِهَا إِلَى الْمُقَاتَلَةِ وَالْجَرْحَى يَسْقِينَهُمْ وَيَغْسِلْنَ جِرَاحَهُمْ، وَكَانَ النِّسَاءُ يُحَرِّضْنَ عَلَى الْقِتَالِ، وَيَرْدُدْنَ الْمُنْهَزِمَ مِنْ رِجَالٍ، قَالَ حَسَّانُ:
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٌ ... يُلَطِّمْهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute