(وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ
أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
الْآيَةُ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ مَعْطُوفَةٌ هِيَ وَمَا فِي حَيِّزِهَا عَلَى آخَرَ أَمْثَالِهَا مِنْ طَوَائِفِ الْآيَاتِ الَّتِي تَصِفُ أَحْوَالَ الْمُشْرِكِينَ وَعَقَائِدَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ، وَمُقَاوَمَتَهُمْ لِلْإِسْلَامِ وَصَدَّهُمْ عَنْهُ وَعَنِ الرَّسُولِ الدَّاعِي إِلَيْهِ، مَبْدُوءًا أَوَّلُهَا بِالْحِكَايَةِ عَنْهُمْ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ، ثُمَّ قَدْ يَتَخَلَّلُهَا آيَاتٌ بِضَمِيرِ الْخِطَابِ عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ، وَيَتَضَمَّنُ بَعْضُهَا مَا يَتَضَمَّنُ مِنَ الْحَقَائِقِ فِي الْإِيمَانِ وَسُنَنِ الِاجْتِمَاعِ وَطَبَائِعِ الْأُمَمِ، وَأَقْرَبُ هَذِهِ الطَّوَائِفِ الْآيَاتُ الْمَبْدُوءَةُ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فِي الْحِكَايَةِ عَنْهُمُ الْآيَةُ الَّتِي افْتُتِحَ بِهَا هَذَا الْجُزْءُ (الثَّامِنُ) وَهِيَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ) (١١١) وَهِيَ إِبْطَالٌ لِمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ) (١٠٩) إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ خُتِمَ بِهِمَا الْجُزْءُ السَّابِقُ (السَّابِعُ) وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ مِنَ الْآيَاتِ - وَمِنَ الْجُزْءِ إِلَى هُنَا - احْتِجَاجًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي آيَةِ الْقُرْآنِ وَكَوْنِهَا أَقْوَى حُجَّةً عَلَى الرِّسَالَةِ مِنْ جَمِيعِ آيَاتِ الرُّسُلِ، وَحَقَائِقَ فِي طِبَاعِ الْبَشَرِ وَشُئُونِ الْكُفَّارِ فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ، وَإِثْبَاتَ ضَلَالِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَتَخْصِيصَ مَسْأَلَةِ الذَّبَائِحِ لِغَيْرِ اللهِ - مِنْ ضَلَالِهِمْ - بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا مِنْ أَكْبَرِهَا، وَوَحْيَ الشَّيَاطِينِ لِأَوْلِيَائِهِمْ فِي الْمُجَادَلَةِ فِيهَا وَتَلَا ذَلِكَ ضَرْبُ الْمَثَلِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ، وَبَيَانُ قَاعِدَةِ الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ فِي الْأُمَمِ الضَّارِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute