للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ فَلَاَ نَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِهَا الرَّازِيُّ وَهُوَ لَمْ يَعْزُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَلَا مِنْ رُوَاةِ التَّفْسِيرِ كَعَادَتِهِ، وَهِيَ مُعَارَضَةٌ بِمَا وَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مِنْ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ رَئِيسِ الْمُنَافِقِينَ وَزَعِيمِهِمْ. رَوَى هَذَا بَعْضُ رُوَاةِ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالسُّدِّيِّ فَيُرَاجَعُ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ، وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ وَمَا فِيهِ مِنَ الْمَبَاحِثِ وَالْإِشْكَالِ بَعْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا (٨٤) وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ.

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ

كَانَتِ الْآيَاتُ مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ إِلَى الْآيَةِ ٢٨ مِنْهَا فِي شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْقِتَالِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَاضْمِحْلَالِ دَوْلَةِ الشِّرْكِ، وَجَاءَتْ بِضْعُ آيَاتٍ بَعْدَهَا فِي شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْقِتَالِ وَالْجِزْيَةِ، مَعَ بَيَانِ حَالِهِمْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ هِدَايَةِ دِينِ أَنْبِيَائِهِمْ، يَتْلُوهَا مَا كَانَ مِنْ إِعْلَانِ النَّفِيرِ الْعَامِّ لِقِتَالِ الرُّومِ فِي تَبُوكَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ الْمَعْرُوفِ. وَفِي الْكَلَامِ عَلَيْهَا بَيَانُ أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مِنِ اسْتِثْقَالِهِمْ لِلْجِهَادِ وَاسْتِئْذَانِهِمْ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُ، وَظُهُورِ أَمَارَاتِ نِفَاقِهِمْ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَفَضِيحَتِهِمْ فِيهَا، وَوَعِيدِهِمْ عَلَيْهَا، وَعَلَى نِفَاقِهِمُ الصَّادِرَةِ عَنْهُ. وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ وَالْعَوْدَةِ مِنْهُ. وَانْتَهَى ذَلِكَ بِالْآيَةِ الثَّمَانِينَ.

وَعَادَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ إِلَى بَيَانِ حَالِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الْقِتَالِ وَظَلُّوا فِي الْمَدِينَةِ. وَمَا يَجِبُ مِنْ مُعَامَلَتِهِمْ بَعْدَ الرُّجُوعِ إِلَيْهَا، وَكُلُّ هَذَا قَدْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ

يُجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الْفَرَحُ: شُعُورُ النَّفْسِ بِالِارْتِيَاحِ وَالسُّرُورِ، وَالْخِلَافُ: مَصْدَرُ خَالَفَهُ يُخَالِفُهُ كَالْمُخَالَفَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>