السُّورَةَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ فِيهَا إِبْطَالَ أُلُوهِيَّةِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَتَوْبِيخَ الْكَفَرَةِ عَلَى اعْتِقَادِهِمُ الْفَاسِدِ وَافْتِرَائِهِمُ الْبَاطِلِ.
" وَهَذَا ـ ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ نِعَمُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِمَّا تَفُوتُ الْحَصْرَ، وَلَا يُحِيطُ بِهَا نِطَاقُ الْعَدِّ، إِلَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِجْمَالًا إِلَى إِيجَادٍ وَإِبْقَاءٍ فِي النَّشْأَةِ الْأُولَى، وَإِيجَادٍ وَإِبْقَاءٍ فِي النَّشْأَةِ الْآخِرَةِ وَأُشِيرَ فِي الْفَاتِحَةِ الَّتِي هِيَ أُمُّ الْكِتَابِ إِلَى الْجَمِيعِ، وَفِي الْأَنْعَامِ إِلَى الْإِيجَادِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْكَهْفِ إِلَى الْإِبْقَاءِ الْأَوَّلِ، وَفِي سَبَأٍ إِلَى الْإِيجَادِ الثَّانِي، وَفِي فَاطِرٍ إِلَى الْإِبْقَاءِ الثَّانِي ابْتُدِئَتْ هَذِهِ الْخَمْسُ بِالتَّحْمِيدِ، وَمِنَ اللَّطَائِفِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ فِي كُلِّ رُبُعٍ مِنْ كِتَابِهِ الْكَرِيمِ الْمَجِيدِ سُورَةً مُفْتَتَحَةً بِالتَّحْمِيدِ " انْتَهَى وَسَتَعْلَمُ مَا فِيهِ.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) .
افْتَتَحَ اللهُ كِتَابَهُ بِالْحَمْدِ، ثُمَّ افْتَتَحَ بِهِ أَرْبَعَ سُوَرٍ مَكِّيَّاتٍ أُخْرَى مُشْتَمِلَةً كُلٌّ مِنْهَا عَلَى دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ وَمُحَاجَّةِ الْمُشْرِكِينَ فِيهَا، الْأُولَى " الْأَنْعَامُ " وَهِيَ آخِرُ سُورَةٍ كَامِلَةٍ فِي الرُّبُعِ الْأَوَّلِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالثَّانِيَةُ " الْكَهْفُ " وَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَ آخِرِ الرُّبُعِ الثَّانِي وَأَوَّلِ الرُّبُعِ الثَّالِثِ وَالثَّالِثةُ وَالرَّابِعَةُ " سَبَأٌ " وَ " فَاطِرٌ "، وَهُمَا آخِرُ الرُّبُعِ الثَّالِثِ، وَلَيْسَ فِي الرُّبُعِ الرَّابِعِ سُورَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالْحَمْدِ، وَقَدْ قَرَنَ الْحَمْدَ فِي الْأَوْلَى بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَجَعْلِ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ عَلَى عَبْدِهِ الْكَامِلِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا سُمِّيَ نُورًا بَلْ هُمَا أَعْظَمُ أَنْوَارِ الْهِدَايَةِ وَفِي الثَّالِثةِ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَبِحَمْدِهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ، وَبِصِفَاتِ الْحِكْمَةِ وَالْخِبْرَةِ وَالْعِلْمِ بِمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ
فِيهَا وَالرَّابِعَةِ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَجَعْلِ الْمَلَائِكَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute