للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ أَمْرًا إِمْرًا، وَكَيْدًا نُكْرًا، وَزَيَّنَتْهُ فِي قُلُوبِكُمْ فَطَوَّعَتْهُ لَكُمْ حَتَّى اقْتَرَفْتُمُوهُ، أَيْ هَذَا أَمْرُكُمْ. وَأَمَّا أَمْرِي مَعَكُمْ وَمَعَ رَبِّي (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أَوْ فَصَبْرِي صَبْرٌ جَمِيلٌ لَا يُشَوِّهُ جَمَالَهُ جَزَعُ الْيَائِسِينَ مِنْ رَوْحِ اللهِ، الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَا الشَّكْوَى إِلَى غَيْرِ اللهِ (وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) مِنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ، لَا أَسْتَعِينُ عَلَى احْتِمَالِهَا غَيْرَهُ أَحَدًا مِنْكُمْ وَلَا مِنْ غَيْرِكُمْ.

هَذَا هُوَ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ مِنْ قِصَّةِ يُوسُفَ، وَهُوَ صَفْوَةُ الْحَقِّ مِنْ أَحْسَنِ الْقَصَصِ بِمَا فِيهِ مِنَ الدِّقَّةِ وَالْعِبْرَةِ، وَقَدْ شَوَّهَهُ رُوَاةُ الْأَسَاطِيرِ وَالْمُفْتَرِيَاتِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ بِمَا ظَنُّوا أَنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ التَّوْرَاةِ وَمَا هُوَ مِنْهَا، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْرَأْ هَذَا الْفَصْلَ مِنْ قِصَّةِ يُوسُفَ فِي سِفْرِ التَّكْوِينِ لِيَرَى الْفَرْقَ الْبَعِيدَ بَيْنَ كَلَامِ اللهِ وَكَلَامِ الْبَشَرِ، وَلِيَعْلَمَ الْمَغْرُورُ

بِمَا نَقَلَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ فِيهَا كَالسُّدِّيِّ الْكَبِيرِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ كَذِبًا وَأَكْثَرُ إِتْقَانًا لِأَسَاطِيرِهِ مِنَ السُّدِّيِّ الصَّغِيرِ، أَنَّ كُلَّ مَا فِيهَا مِنَ الزِّيَادَةِ لَا أَصْلَ لَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَذِبٌ صُرَاحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>