بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .
هَذِهِ الْآيَاتُ الْأَرْبَعُ فِي أُصُولِ الدَّعْوَةِ إِلَى دِينِ اللهِ - تَعَالَى - وَهِيَ الْقُرْآنُ وَمَا بَيَّنَهُ مِنْ تَوْحِيدِ اللهِ - تَعَالَى - وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَالْإِيمَانِ بِرُسُلِهِ وَبِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ، خُوطِبَ بِهَا النَّاسُ مِنْ قِبَلِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدُونِ ذِكْرِهِمْ، وَلَا ذِكْرٍ لِأَمْرِهِ - تَعَالَى - لَهُ بِهِ، لِلْعِلْمِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَرِينَةِ، وَبِنُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ عَقِبَ سُورَةِ يُونُسَ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِمِثْلِ هَذَا.
(الر) تُقْرَأُ كَأَمْثَالِهَا بِأَسْمَاءِ الْحُرُوفِ سَاكِنَةً لَا بِمُسَمَّيَاتِهَا، فَيُقَالُ: أَلِفْ، لَامْ، رَا، وَمَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ أَنَّهَا اسْمٌ لِلسُّورَةِ، أَوْ لِلْقُرْآنِ (وَبَيَّنَّا حِكْمَةَ الِابْتِدَاءِ بِهَا فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ) وَمَحَلُّهَا الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَوِ الْخَبَرِيَّةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.
(كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ) : أَيْ هَذَا كِتَابٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ (كَمَا أَفَادَهُ
التَّنْوِينُ) جُعِلَتْ آيَاتُهُ مُحْكَمَةَ النَّظْمِ وَالتَّأْلِيفِ، وَاضِحَةَ الْمَعَانِي بَلِيغَةَ الدَّلَالَةِ وَالتَّأْثِيرِ، فَهِيَ كَالْحِصْنِ الْمَنِيعِ، وَالْقَصْرِ الْمُشَيَّدِ الرَّفِيعِ، فِي إِحْكَامِ الْبِنَاءِ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ مِنَ الْحِفْظِ وَالْإِيوَاءِ مَعَ حُسْنِ الرِّوَاءِ، فَهِيَ لِظُهُورِ دَلَالَتِهَا عَلَى مَعَانِيهَا وَوُضُوحِهَا لَا تَقْبَلُ شَكًّا وَلَا تَأْوِيلًا، وَلَا تَحْتَمِلُ تَغْيِيرًا وَلَا تَبْدِيلًا (ثُمَّ فُصِّلَتْ) : أَيْ جُعِلَتْ فُصُولًا مُتَفَرِّقَةً فِي سُوَرِهِ بِبَيَانِ حَقَائِقِ الْعَقَائِدِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute