للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) . إِنَّ وَجْهَ الِاتِّصَالِ وَالْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا قَبْلَهَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَخْذِ اللهِ الْمِيثَاقَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهَذَا مِنَ الْمَقَاصِدِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ ; فَكَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ الَّتِي بَعَثَ اللهُ فِيهَا الرُّسُلَ، كَمَا قُلْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْآيَةِ، فَلَمَّا ذَكَّرَنَا اللهُ تَعَالَى بِمِيثَاقِهِ، الَّذِي وَاثَقَنَا بِهِ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِخَاتَمِ رُسُلِهِ، ذَكَرَ لَنَا أَخْذَهُ مِثْلَ هَذَا الْمِيثَاقِ عَلَى أَقْرَبِ الْأُمَمِ إِلَيْنَا وَطَنًا وَتَارِيخًا، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَمَا كَانَ مِنْ نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُ، وَمِنْ عِقَابِهِ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وَمَا يَنْتَظِرُونَ مِنْ عِقَابِ

الْآخِرَةِ - وَهُوَ أَشَدُّ وَأَبْقَى - لِنَعْتَبِرَ بِحَالِهِمْ وَنَتَّقِيَ حَذْوَ مِثَالِهِمْ، وَلِيُبَيِّنَ لَنَا عِلَّةَ كُفْرِهِمْ بِنَبِيِّنَا، وَتَصَدِّيهِمْ لِإِيذَائِهِ وَعَدَاوَةِ أُمَّتِهِ ; وَلِيُقِيمَ بِذَلِكَ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَرَاهُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَاتِ. فَهَذَا مَبْدَأُ سِيَاقٍ طَوِيلٍ فِي مُحَاجَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَبَيَانِ أَنْوَاعِ كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ. قَالَ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>