للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفِسْقُ فِي الْأَصْلِ أَعَمُّ مِنْ نَكْثِ الْعَهْدِ، وَيَتَسَاوَى مَفْهُومُهُمَا بِمَا فَسَّرْنَا بِهِ عُمُومَ الْعَهْدِ هُنَا، فَفِي التَّعْبِيرِ مِنْ مَحَاسِنِ الْكَلَامِ الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ، بِاعْتِبَارِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، إِذِ الْأَوَّلُ يُقَرِّرُ بِمَنْطُوقِهِ الثَّانِي الَّذِي يُقَرِّرُ بِمَفْهُومِهِ مَنْطُوقَ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ الْجِنَاسُ التَّامُّ بَيْنَ (وَجَدْنَا) الْأُولَى وَهِيَ بِمَعْنَى أَلْفَيْنَا، وَالثَّانِيَةِ وَهِيَ بِمَعْنَى عَلِمْنَا، وَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي سَلْبِ الْوُجُودِ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتِ الثَّانِي.

ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وَقَالَ مُوسَى يَافِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ.

(قِصَّةُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ)

هُوَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَضْبُطُونَ اسْمَ وَالِدِهِ بِالْمِيمِ فِي آخِرِهِ (عَمْرَامُ) وَبِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَجَمِيعُ الْأُمَمِ الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ تَتَصَرَّفُ

فِي نَقْلِ الْأَسْمَاءِ مِنْ لُغَاتِ غَيْرِهَا إِلَى لُغَتِهَا، وَمَعْنَى كَلِمَةِ (مُوسَى) الْمِنْتَاشُ مِنَ الْمَاءِ؛ أَيْ: الَّذِي أُنْقِذَ مِنْهُ، وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ " مُوسَى؛ لِأَنَّهُ أُلْقِيَ بَيْنَ مَاءٍ وَشَجَرٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>