للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَقَوْلُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: إِنَّ اللهَ مَسَحَ ظَهْرَ آدَمَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّتَهُ مَعْنًى وَاحِدٌ فِي الْأَصْلِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " مَسَحَ ظَهْرَ آدَمَ فِي الْخَبَرِ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَسْحُهُ عَزَّ وَجَلَّ ظَهْرَ آدَمَ وَاسْتِخْرَاجُ ذُرِّيَّتِهِ مِنْهُ مَسْحٌ لِظُهُورِ ذُرِّيَّتِهِ، وَاسْتِخْرَاجُ ذُرِّيَّاتِهِمْ مِنْ ظُهُورِهِمْ - كَمَا ذَكَرَ تَعَالَى - ; لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ جَمِيعَ ذُرِّيَّةِ آدَمَ لَمْ يَكُونُوا مَنْ صُلْبِهِ، لَكِنَّ لَمَّا كَانَ الطَّبَقُ الْأَوَّلُ مِنْ صُلْبِهِ، ثُمَّ الثَّانِي مِنْ صَلْبِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الثَّالِثُ مِنْ صَلْبِ الثَّانِي جَازَ أَنْ يُنْسَبَ ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَى ظَهْرِ آدَمَ؛ لِأَنَّهُمْ فَرْعُهُ وَهُوَ أَصْلُهُمْ، وَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ ظُهُورِ ذَرِّيَّةِ آدَمَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ مِنْ ظُهُورِ ذُرِّيَّتِهِ، إِذِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَضَافَ الذَّرِّيَّةَ إِلَى آدَمَ فِي الْخَبَرِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ عَنِ الذُّرِّيَّةِ وَعَنْ آدَمَ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٢٦: ٤) وَالْخَبَرُ فِي الظَّاهِرِ عَنِ الْأَعْنَاقِ وَالنَّعْتُ لِلْأَسْمَاءِ الْمَكْنِيَةِ فِيهَا، وَهُوَ مُضَافٌ إِلَيْهَا كَمَا كَانَ آدَمُ مُضَافًا إِلَيْهِ هُنَاكَ، وَلَيْسَتْ جَمِيعًا بِالْمَقْصُودِينَ فِي الظَّاهِرِ بِالْخَبَرِ، وَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: (خَاضِعِينَ) لِلْأَعْنَاقِ؛ لِأَنَّ وَجْهَ جَمْعِهَا خَاضِعَاتٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَتَشْرِقُ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَدْ أَذَعْتُهُ ... كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنَ الدَّمِ

فَالصَّدْرُ مُذَكَّرٌ وَقَوْلُهُ شَرِقَ أُنِّثَ لِإِضَافَةِ الصَّدْرِ إِلَى الْقَنَاةِ اهـ.

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ

أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>