أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ كُفَّارٌ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، كَمَا يَدَّعُونَ، مَا اتَّخَذَهُمُ الْيَهُودُ أَوْلِيَاءَ لَهُمْ، فَتَوَلِّيهُمْ إِيَّاهُمْ دَلِيلُ كَوْنِهِمْ يُسِرُّونَ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ نِفَاقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مُوَالَاةِ الْمُنَافِقِينَ لِلْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا مَضَى مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَمَا الْعَهْدُ بِهِ بِبَعِيدٍ، كَمَا تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْمُوَالَاةِ وَالتَّنَاصُرِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ.
فَالْيَهُودُ كَانُوا يَتَوَلَّوْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ جَمِيعًا ; لِلِاشْتِرَاكِ فِي عَدَاوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَمَا قُلْنَا إِنَّ قَوْلَ مُجَاهِدٍ أَظْهَرُ إِلَّا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ، وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ الْعِلَّةَ الْجَامِعَةَ بَيْنَهُمْ بِقَوْلِهِ: (وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) أَيْ خَارِجُونَ مِنْ حَظِيرَةِ الدِّينِ، مُنْسَلُّونَ مِنْهُ انْسِلَالَ الشَّعْرَةِ مِنَ الْعَجِينِ، وَالْقَلِيلُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي سِيرَةِ الْأُمَّةِ وَأَعْمَالِهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute