للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جُنْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَخَذَلَ اللهُ الْكَافِرِينَ، وَفَضَحَ الْمُنَافِقِينَ، وَظَهَرَ تَأْوِيلُ الْآيَتَيْنِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، وَفْقًا لِقَوْلِهِ: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وَفِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ مِنْ أَخْبَارِ الْغَيْبِ، الَّتِي يُعَبِّرُ عَنْهَا أَهْلُ الْكِتَابِ بِالنُّبُوَّاتِ، وَهِيَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمْ فِي صِدْقِ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُكَابِرُونَ فِي نُبُوَّةِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَيُمَارُونَ فِي (نُبُوَّاتِهِ) الظَّاهِرَةِ الصَّرِيحَةِ الثَّابِتَةِ بِالسَّنَدِ وَالدَّلِيلِ عَلَى تَصْدِيقِهِمْ (بِنُبُوَّاتٍ) رَمْزِيَّةٍ تَخْتَلِفُ فِيهَا وُجُوهُ التَّأْوِيلِ (يَرُونَا السُّهَى فَنُرِيهِمُ الْقَمَرَ) بَلْ نُرِيهِمْ مَا هُوَ أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ وَأَظْهَرُ (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (٢٤: ٤٠) .

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) هَذِهِ الْآيَاتُ مِنْ تَتِمَّةِ السِّيَاقِ السَّابِقِ، فَلَمَّا كَانَ مَنْ يَتَوَلَّى الْكَافِرِينَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ يُعَدُّ مِنْهُمْ كَانَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ مِنْ مَرْضَى الْقُلُوبِ مُرْتَدِّينَ بِتَوَلِّيهِمْ إِيَّاهُمْ، فَإِنْ أَخْفَوْا ذَلِكَ فَإِظْهَارُهُمْ لِلْإِيمَانِ نِفَاقٌ، وَلَمَّا بَيَّنَ اللهُ حَالَهُمْ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ حَقِيقَةً يَدْعَمُهَا بِخَبَرٍ مِنَ الْغَيْبِ، يُظْهِرُهُ الزَّمَنُ الْمُسْتَقْبَلُ ; وَهِيَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مَرْضَى الْقُلُوبِ لَا غَنَاءَ فِيهِمْ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي نَصْرِ الدِّينِ وَإِقَامَةِ الْحَقِّ، وَإِنَّمَا يُقِيمُ اللهُ

الدِّينَ وَيُؤَيِّدُهُ بِالْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللهُ، فَيَزِيدُهُمْ رُسُوخًا فِي الْحَقِّ، وَقُوَّةً عَلَى إِقَامَتِهِ، وَيُحِبُّونَهُ فَيُؤْثِرُونَ مَا يُحِبُّهُ مِنْ إِقَامَةِ الْحَقِ وَالْعَدْلِ وَإِتْمَامِ حِكْمَتِهِ فِي الْأَرْضِ عَلَى سَائِرِ مَحْبُوبَاتِهِمْ مَنْ مَالٍ وَمَتَاعٍ، وَأَهْلٍ وَوَلَدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>