(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ
قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) هَذِهِ الْآيَاتُ مِنْ سِيَاقِ الَّتِي قَبْلَهَا وَالَّتِي بَعْدَهَا، وَالْغَرَضُ مِنْهَا بَيَانُ كَوْنِ التَّوْرَاةِ كَانَتْ هِدَايَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَعْرَضُوا عَنِ الْعَمَلِ بِهَا ; لِمَا عَرَضَ لَهُمْ مِنَ الْفَسَادِ، وَبَيَانُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْإِنْجِيلِ وَأَهْلِهِ، ثُمَّ الِانْتِقَالُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ ذِكْرِ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ وَمَزِيَّتِهِ وَحِكْمَةِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالِاهْتِدَاءِ بِالدِّينِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ أَهْلَ الِانْتِمَاءِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يُقِيمُوهُ ; إِذْ لَا يَسْتَفِيدُونَ مِنْ هِدَايَتِهِ وَنُورِهِ إِلَّا بِإِقَامَتِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَأَنَّ إِيثَارَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَهْوَاءَهُمْ عَلَى هِدَايَةِ دِينِهِمْ هُوَ الَّذِي أَعْمَاهُمْ عَنْ نُورِ الْقُرْآنِ، وَالِاهْتِدَاءِ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ) أَيْ إِنَّا نَحْنُ أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى مُشْتَمِلَةً عَلَى هُدًى فِي الْعَقَائِدِ وَالْأَحْكَامِ، خَرَجَ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ وَثَنِيَّةِ الْمِصْرِيِّينَ وَضَلَالِهِمْ، وَعَلَى نُورٍ أَبْصَرُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute