للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينِ خَلْفَهُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا رَكْعَةً وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا، وَرَوَيَا مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ زَادِ الْمَعَادِ وَهُوَ: فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَالْقَوْلُ بِهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَمَنْ تَبِعَهُمَا.

هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ دَاخِلَةٌ فِي مَفْهُومِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَيْضًا ; إِذْ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ صَلَّتْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّ أَحَدًا أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَاتِ الْإِتْمَامِ: بِأَنَّ أَقَلَّ الْوَاجِبِ فِي الْخَوْفِ مَعَ السَّفَرِ رَكْعَةٌ، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ صَلَاةِ السَّفَرِ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ صَلَاةَ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَلَا يَتَّجِهُ هَذَا إِلَّا بِنَقْلٍ يُعْلَمُ بِهِ ذَلِكَ وَلَوْ بِبَيَانِ أَنَّ الْخَوْفَ كَانَ شَدِيدًا فِي الْغَزَوَاتِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَكْعَةً وَاحِدَةً بِكُلِّ طَائِفَةٍ وَلَمْ تَقْضِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَيْ لَمْ تُتِمَّ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَحْوَالُ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الْأَعْمَالُ لَا تُعَدُّ شُرُوطًا لَهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ.

(٥) رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ فَقَامَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلَ الْعَدُوِّ وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَبَّرَ فَكَبَّرُوا جَمِيعًا الَّذِينَ مَعَهُ، وَالَّذِينَ مُقَابِلُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَرَكَعَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَتِ

الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَامَ وَقَامَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدُوِّ فَقَابَلُوهُمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَامُوا فَرَكَعَ رَكْعَةً أُخْرَى وَرَكَعُوا مَعَهُ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدٌ وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ كَانَ السَّلَامُ فَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا جَمِيعًا، فَكَانَ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَانِ، وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَانِ.

هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ تُشَارِكُ مَا قَبْلَهَا بِكَوْنِهَا مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ الَّتِي كَانَ الْعَدُوُّ فِيهَا فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَكَوْنُهَا كَانَتْ فِي غَزْوَةِ نَجْدٍ وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَكَانَتْ بِأَرْضِ غَطَفَانَ، وَهُنَاكَ مَكَانٌ يُسَمَّى بَطْنَ نَخْلٍ وَهُوَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتُخَالِفُهَا كُلُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>