للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَعْنِ الْمُتَرَدِّيَةِ فِي ظَهْرِهَا أَوْ فَخْذِهَا، أَوْ خَزْقِ الْمِعْرَاضِ وَخَدْشِهِ لِأَيِّ عُضْوٍ مِنَ الْبَدَنِ، وَالرَّمْيِ بِالسَّهْمِ لِلْحَيَوَانِ الْكَبِيرِ ذِي الدَّمِ الْغَزِيرِ. رَوَى أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَنَدَّ بَعِيرٌ مِنْ إِبِلِ الْقَوْمِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ خَيْلٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا فَعَلَ مِنْهَا هَذَا فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا، نَدَّ الْبَعِيرُ: نَفَرَ، وَحَبَسَهُ: أَثْبَتَهُ فِي مَكَانِهِ إِذَا مَاتَ فِيهِ بِرَمْيَةِ السَّهْمِ. وَاسْتَدَلَّ جُمْهُورُ السَّلَفِ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ مَا رُمِيَ بِالسَّهْمِ فَجُرِحَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْجَسَدِ، وَلَكِنِ اشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ وَحَشِيًّا أَوْ مُتَوَحِّشًا أَوْ نَادًّا، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَشَيْخَهُ رَبِيعَةَ، وَاللَّيْثَ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، لَمْ يُجِيزُوا أَكْلَ الْمُتَوَحِّشِ إِلَّا بِتَذْكِيَتِهِ فِي حَلْقِهِ أَوْ لُبَتِّهِ أَيْ: نَحْرِهِ.

(الْعَاشِرُ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الطَّعَامِ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) قَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ: نَصْبُ الشَّيْءِ: وَضْعُهُ وَضْعًا نَاتِئًا ; كَنَصْبِ الرُّمْحِ وَالْبِنَاءِ وَالْحَجَرِ، وَالنَّصِيبُ الْحِجَارَةُ تُنْصَبُ عَلَى الشَّيْءِ، وَجَمْعُهُ نَصَائِبُ وَنُصُبٌ بِضَمَّتَيْنِ، وَكَانَ لِلْعَرَبِ حِجَارَةٌ تَعْبُدُهَا وَتَذْبَحُ عَلَيْهَا، قَالَ: كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٧٠: ٤٣) . قَالَ: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ (٥: ٣) وَقَدْ يُقَالُ فِي جَمْعِهِ: أَنْصَابٌ. قَالَ: وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ (٥: ٩٠) . اهـ. وَقَالَ فِي اللِّسَانِ: وَالنَّصْبُ (بِالْفَتْحِ) وَالنُّصْبُ (بِالضَّمِّ) وَالنُّصُبُ (بِضَمَّتَيْنِ) : الدَّاءُ وَالْبَلَاءُ وَالشَّرُّ، وَفِي التَّنْزِيلِ: مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (٣٨: ٤١) . وَالنَّصِيبَةُ وَالنُّصُبُ بِضَمَّتَيْنِ: كُلُّ مَا نُصِبَ فَجُعِلَ عَلَمًا. وَقِيلَ: النُّصُبُ جَمْعُ نَصِيبَةٍ كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٍ، وَصَحِيفَةٍ وَصُحُفٍ. اللَّيْثُ: النُّصُبُ: جَمَاعَةُ النَّصِيبَةِ، وَهِيَ عَلَامَةٌ تُنْصَبُ لِلْقَوْمِ، وَالنَّصَبُ بِالْفَتْحِ وَالنُّصُبُ بِضَمَّتَيْنِ: الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ، وَفِي التَّنْزِيلِ: كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٧٠: ٤٣) قُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا، وَقِيلَ: النَّصَبُ بِالْفَتْحِ: الْغَايَةُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: مَنْ قَرَأَ " إِلَى نَصَبٍ " بِالْفَتْحِ ; فَمَعْنَاهُ: إِلَى عَلَمٍ مَنْصُوبٍ يَسْبِقُونَ إِلَيْهِ، وَمَنْ قَرَأَ " إِلَى نُصُبٍ " بِضَمَّتَيْنِ ; فَمَعْنَاهُ: إِلَى أَصْنَامٍ ; كَقَوْلِهِ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الْفَرَّاءُ، قَالَ: وَالنَّصَبُ بِالْفَتْحِ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَجَمْعُهُ الْأَنْصَابُ، وَالْيَنْصُوبُ: عَلَمٌ يُنْصَبُ فِي الْفَلَاةِ. وَالنَّصَبُ وَالنُّصُبُ: كُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ تَعَالَى، وَالْجَمْعُ: أَنْصَابٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالنَّصَبُ بِالْفَتْحِ: مَا نُصِبَ، فَعُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ النُّصُبُ بِالضَّمِّ، وَقَدْ يُحَرَّكُ مِثْلَ عُسُرٍ. اهـ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالنُّصُبُ: الْأَوْثَانُ مِنَ الْحِجَارَةِ، جَمَاعَةُ أَنْصَابٍ كَانَتْ تُجْمَعُ فِي الْمَوْضِعِ مِنَ الْأَرْضِ، فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُقَرِّبُونَ لَهَا، وَلَيْسَتْ بِأَصْنَامٍ، وَكَانَ ابْنُ جَرِيجٍ يَقُولُ فِي صِفَتِهِ، وَذَكَرَ سَنَدَهُ إِلَيْهِ: النُّصُبُ لَيْسَتْ بِأَصْنَامٍ، الصَّنَمُ يُصَوَّرُ وَيُنْقَشُ، وَهَذِهِ حِجَارَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>