للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَرَنَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهْرٍ ثَلَاثًا إِذَا سَافَرْنَا، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا أَقَمْنَا، وَلَا نَخْلَعَهُمَا إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ ". وَقَدْ حَمَلَ الْجُمْهُورُ الطَّهَارَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الطَّهَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ ; فَاشْتَرَطُوا لِجَوَازِ الْمَسْحِ أَنْ يُلْبَسَ الْخُفُّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ عَلَى وُضُوءٍ. وَذَهَبَ دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الطَّهَارَةُ اللُّغَوِيَّةُ، يَعْنِي أَنَّهُ لَبِسَهُمَا وَرِجْلَاهُ نَظِيفَتَانِ، لَا قَذَرَ عَلَيْهِمَا وَلَا نَجَسَ. انْتَهَى.

إِنَّمَا الْمَسْحُ عَلَى ظَهْرِ الْخُفِّ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَالَ: " لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ ". قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ "، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَسْحَ ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ كَافٍ، وَهُوَ الْمَشْرُوعُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ، وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ، وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعْلُولٌ، وَقَالَ أَبُو زَرْعَةَ وَالْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ. وَالْعُمْدَةُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَسْحِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ.

تَوْقِيتُ الْمَسْحِ: تَقَدَّمَ حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ فِيهِ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: " سَأَلَتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: سَلْ عَلِيًّا، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنِّي، كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ". رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَاهُ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ: لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ: " وَلَوِ اسْتَزَدْنَاهُ لَزَادَنَا "، وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي عِمَارَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ صَرِيحٌ فِي الزِّيَادَةِ إِلَى السَّبْعِ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

نَعَمْ، وَمَا بَدَا لَكَ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ، وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ عَلَى التَّوْقِيتِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>