للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُ، وَأَطَعْنَاكَ فِيهِ، فَلَا نَعْصِيكَ فِي مَعْرُوفٍ، وَكُلُّ مَا جِئْتَنَا فَهُوَ مَعْرُوفٌ. أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَهْدَ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَذَكَرَ اللهُ تَعَالَى عَهْدَ النِّسَاءِ فِي سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَهْدَ الرِّجَالِ، وَهُوَ فِي مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْقِتَالِ لِحِمَايَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالدِّفَاعِ عَنْ أَهْلِهَا، وَكُلُّ نَبِيٍّ بُعِثَ فِي قَوْمٍ أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِيثَاقَ اللهِ تَعَالَى بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ كَمَا تَرَى، مِثَالُ ذَلِكَ فِي الْآيَاتِ الْآتِيَةِ،

وَمُجَرَّدُ قَبُولِ الدَّعْوَةِ وَالدُّخُولِ فِي الدِّينِ يُعَدُّ عَهْدًا وَمِيثَاقًا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَعَهْدُ اللهِ وَمِيثَاقُهُ الَّذِي أَخَذَهُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ قَبِلَ الْإِسْلَامَ وَمَنْ نَشَأَ فِيهِ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَيَجِبُ أَنْ نَعُدَّ هَذَا التَّذْكِيرَ خِطَابًا لَنَا كَمَا كَانَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، يَعُدُّونَهُ خِطَابًا لَهُمْ.

(وَاتَّقُوا اللهَ) أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، أَنْ تَنْقُضُوا عَهْدَهُ بِمُخَالَفَةِ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَنْ تَزِيدُوا فِيمَا بَلَّغَكُمْ رَسُولُكُمْ مِنْ أَمْرِ رَبِّكُمْ، أَوْ تَنْقُضُوا مِنْهُ، أَوْ أَنْ تُقَصِّرُوا فِي حِفْظِهِ، أَوْ تُحَرِّفُوا كَلِمَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ، فَتَكُونُوا كَالَّذِينِ أَخَذَ اللهَ مِيثَاقَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ، وَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَزَادُوا فِي دِينِهِمْ بِرَأْيِهِمْ، وَنَقَصُوا مِنْهُ، كَمَا تَرَوْنَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَكَذَا فِي غَيْرِهَا، كَثِيرًا مِنْ أَخْبَارِهِمْ، وَمَا كَانَ مِنْ غَضَبِ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَعِقَابِهِ لَهُمْ (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا أَضْمَرَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ أُخِذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقُ، مِنَ الْوَفَاءِ أَوْ عَدَمِ الْوَفَاءِ، وَمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ سَرِيرَةُ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْإِخْلَاصِ أَوِ الرِّيَاءِ، وَسَيَرَوْنَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْجَزَاءِ.

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>