وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (٣: ٩٧) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، فَقَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، قَالَ ثُمَّ قَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَقَالَ: لَا وَلَوْ
قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمَا اسْتَطَعْتُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) الْآيَةَ " وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ طَرِيقِ مَنْصُورِ بْنِ وَرْدَانَ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَسَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا. اهـ.
أَقُولُ: مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ ثِقَةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ هُوَ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ التَّابِعِيُّ ثِقَةٌ فِيهِ تَشَيُّعٌ، رَوَى عَنِ الْجَمَاعَةِ كُلِّهِمْ، وَلَكِنْ مَرَاسِيلُهُ ضَعِيفَةٌ.
وَقَدْ عَزَا السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ حَدِيثَ عَلِيٍّ هَذَا إِلَى أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَازِيًا إِيَّاهُ إِلَى عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمِ - قَالَ: وَصَحَّحَهُ - وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَفِيهِ أَنَّ السَّائِلَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَذُكِرَ مِثْلُهُ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ مِنْ تَخْرِيجِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَفِيهِ: " ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ " إِلَخْ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ أَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: " دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ " وَلَفَظُ مُسْلِمٍ " دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافُهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ".
قَالَ الْقَسْطَلَانِيُّ فِي شَرْحِهِ لَهُ تَبَعًا لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ: وَسَبَبُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ (أَقُولُ: وَكَذَا النَّسَائِيُّ) مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: " خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمُ " الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مُخْتَصَرًا فَزَادَ فِيهِ: فَنَزَلَتْ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) انْتَهَى وَأَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ هَذَا ثِقَةٌ، رَوَى عَنْهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ.
وَنَصُّ سُنَنِ النَّسَائِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَقَالَ رَجُلٌ: فِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ حَتَّى أَعَادَهُ ثَلَاثَةً فَقَالَ: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ مَا قُمْتُمْ بِهَا، ذَرُونِي مَا تَرَكْتُمْ;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute