للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُثِرَ عَلَى خِيَانَتِهِمَا، وَعَلَى هَذَا لَا ضَرُورَةَ إِلَى الْقَوْلِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: " اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " بِبِنَاءِ اسْتُحِقَّ لِلْمَفْعُولِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَرْجِعِ ضَمِيرِهِ وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ الْإِثْمُ وَالْمُرَادُ مِنَ الْمَوْصُولِ الْوَرَثَةُ; لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْإِثْمِ عَلَيْهِمْ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِينَ جَنَى عَلَيْهِمْ وَارْتَكَبَ الذَّنْبَ بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِمْ هُمُ الْوَرَثَةُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الْإِيصَاءُ، وَقِيلَ: الْوَصِيَّةُ لِتَأْوِيلِهَا بِمَا ذُكِرَ، وَقِيلَ: الْمَالُ، وَقِيلَ: إِنَّ الْفِعْلَ مُسْنَدٌ إِلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي تَوْجِيهِ رَفْعِ (الْأَوْلَيَانِ) فَقِيلَ: إِنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (آخَرَانِ) أَيِ (الْأَوْلَيَانِ) بِأَمْرِ الْمَيِّتِ آخَرَانِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِيهِ الْإِخْبَارَ عَنِ النَّكِرَةِ بِالْمَعْرِفَةِ وَهُوَ مِمَّا اتُّفِقَ عَلَى مَنْعِهِ فِي مِثْلِهِ، وَقِيلَ: خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُقَدَّرٍ أَيْ هُمَا الْآخَرَانِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ، وَقِيلَ: بَدَلٌ مِنْ آخَرَانِ، وَقِيلَ: عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ عَدَمُ اتِّفَاقِ الْبَيَانِ وَالْمُبَيَّنِ فِي التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ مَعَ أَنَّهُمْ شَرَطُوهُ حَتَّى مَنْ جَوَّزَ تَنْكِيرَهُ، نَعَمْ نُقِلَ عَنْ نَزْرٍ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ، وَقِيلَ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ فَاعِلِ يَقُومَانِ، وَكَوْنُ الْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي حُكْمِ الطَّرْحِ لَيْسَ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ حَتَّى يَلْزَمَ خُلُوَّ تِلْكَ الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ خَبَرًا أَوْ صِفَةً عَنِ الضَّمِيرِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ طُرِحَ وَقَامَ هَذَا مَقَامَهُ كَانَ مِنْ وَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ فَيَكُونُ رَابِطًا وَقِيلَ: هُوَ صِفَةُ آخَرَانِ وَفِيهِ. وَصْفُ النَّكِرَةِ بِالْمَعْرِفَةِ، وَالْأَخْفَشُ أَجَازَهُ هُنَا; لِأَنَّ النَّكِرَةَ بِالْوَصْفِ قَرُبَتْ مِنَ الْمَعْرِفَةِ قِيلَ: وَهَذَا عَلَى عَكْسِ

وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي

فَإِنَّهُ يُؤَوَّلُ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ بِالنَّكِرَةِ. وَهَذَا أُوِّلِ فِيهِ النَّكِرَةُ بِالْمَعْرِفَةِ، أَوْ جُعِلَتْ فِي حُكْمِهَا لِلْوَصْفِ، وَيُمْكِنُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ يَجْعَلَ الْأَوْلَيَانِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِمَا كَالنَّكِرَةِ، وَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ " اسْتَحَقَّ " وَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ انْتِدَابَ الْأَوْلَيَيْنِ مِنْهُمْ لِلشَّهَادَةِ كَمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، أَوْ إِثْمَ الْأَوْلَيَيْنِ كَمَا قِيلَ، وَهُوَ تَثْنِيَةُ الْأَوْلَى قُلِبَتْ أَلِفُهُ يَاءً عِنْدَهَا، وَفِي عَلَى فِي " عَلَيْهِمْ " أَوْجُهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا عَلَى بَابِهَا، وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى فِي، وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا بِمَعْنَى مِنْ، وَفَسَّرَ اسْتَحَقَّ بِطَلَبِ الْحَقِّ

وَبِحَقٍّ وَغَلَبٍ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ وَخَلَفٌ وَحَمْزَةُ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ عَنْهُ " اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوَّلِينَ " بِبِنَاءٍ اسْتَحَقَّ لِلْمَفْعُولِ وَالْأَوَّلِينَ جَمْعُ أَوَّلٍ الْمُقَابِلِ لِلْآخِرِ وَهُوَ مَجْرُورٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ الَّذِينَ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ عَلَيْهِمْ أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَدْحِ. وَمَعْنَى الْأَوَّلِيَّةِ التَّقَدُّمُ عَلَى الْأَجَانِبِ فِي الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: التَّقَدُّمُ فِي الذِّكْرِ لِدُخُولِهِمْ فِي (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ " الْأَوَّلَانِ " بِالرَّفْعِ وَهُوَ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْأَوْلَيَانِ، وَقُرِئَ " الْأَوَّلَيْنِ " بِالتَّثْنِيَةِ وَالنَّصْبِ، وَقَرَأَ ابْنُ سِيرِينَ " الْأَوْلَيَيْنِ " بِيَاءَيْنِ، تَثْنِيَةُ أَوْلَى مَنْصُوبًا، وَقَرَأَ " الْأَوْلَيْنِ " بِسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ اللَّامِ جَمْعُ أَوْلَى كَأَعْلَيْنِ، وَإِعْرَابُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>