وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، فَمَنْ أَقَامَهَا كَمَا أَمَرَتِ الرُّسُلُ مِنْ أَيَّةِ مِلَّةٍ مِنْ مِلَلِ الرُّسُلِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [رَاجَعَ ص ٣٩٤ ج ٦ ط الْهَيْئَةِ] وَتَقَدَّمَ لَكَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
(٥) وَحْدَةُ الدِّينِ وَاخْتِلَافُ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَنْهَجِهِمْ فِيهِ.
(٦) هَيْمَنَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ [رَاجِعْ ص ٣٣٩ ج ٦ ط الْهَيْئَةِ] .
(٧) بَيَانُ عُمُومِ بَعْثَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرِهِ بِالتَّبْلِيغِ الْعَامِّ وَكَوْنِهِ لَا يُكَلَّفُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ رَسُولًا إِلَّا التَّبْلِيغَ. وَأَنَّ مِنْ حُجَجِ رِسَالَتِهِ أَنَّهُ بَيَّنَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ كَثِيرًا مِمَّا كَانُوا يُخْفُونَ مَنْ كُتُبِهِمْ وَهُوَ قِسْمَانِ: (أَحَدُهُمَا) مَا ضَاعَ مِنْهُ قَبْلَ بَعْثَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَهُوَ أَنَّهُمْ نَسُوا حَظًّا عَظِيمًا مِمَّا ذَكَّرَهُمُ اللهُ بِهِ بِإِنْزَالِهِ فِيهَا. (وثَانِيهِمَا) مَا كَانُوا يَكْتُمُونَهُ مِنَ الْأَحْكَامِ اتِّبَاعًا لِأَهْوَائِهِمْ مَعَ وُجُودِهِ فِي الْكِتَابِ كَحُكْمِ رَجْمِ الزَّانِي، وَقَدْ بَيَّنَّا كُلًّا مِنَ الْقِسْمَيْنِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَلَوْلَا أَنَّ مُحَمَّدًا الْأُمِّيَّ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ لَمَا عَلِمَ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَلَا ذَاكَ.
(٨) عِصْمَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَضُرُّوهُ أَوْ يَقْدِرُوا عَلَى صَدِّهِ عَنْ تَبْلِيغِ رِسَالَةِ رَبِّهِ، وَهَذَا مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا، فَكَمْ حَاوَلُوا قَتْلَهُ فَأَعْيَاهُمْ وَأَعْجَزَهُمْ [رَاجِعْ ص ٣٩١، ٣٩٢ ج ٦ ط الْهَيْئَةِ] .
(٩) بَيَانُ أَنَّ اللهَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِصْلَاحَ أَنْفُسِهِمْ أَفْرَادِهَا وَجَمَاعَتِهَا. وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ ضَلَّ مِنَ النَّاسِ إِذَا هُمُ اسْتَقَامُوا عَلَى صِرَاطِ الْهِدَايَةِ، أَيْ لَا يَضرُّهُمْ ضَلَالُهُ فِي دُنْيَاهُمْ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَجْعَلُ لَهُ سَبِيلًا عَلَيْهِمْ، وَلَا يَضُرُّهُمْ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ وَآخِرَتِهِمْ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْهُمْ إِكْرَاهَ النَّاسِ عَلَى الْهُدَى وَالْحَقِّ، وَلَا أَنْ يَخْلُقُوا
لَهُمُ الْهِدَايَةَ خَلْقًا، وَإِنَّمَا كَلَّفَهُمْ أَنْ يَكُونُوا مُهْتَدِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ بِإِقَامَةِ دِينِ اللهِ تَعَالَى فِي الْأَعْمَالِ الْفَرْدِيَّةِ وَالْمَصَالِحِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَمِنْهَا الدَّعْوَةُ إِلَى الْحَقِّ وَالْخَيْرِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ.
(١٠) تَأْكِيدُ وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ بِمَا بَيَّنَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ لَعْنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَتَعْلِيلِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ.
(١١) نَفْيُ الْحَرَجِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ. [رَاجِعْ ص ٢١٤، ٢٢٣ ج ٦ ط الْهَيْئَةِ] .
(١٢) تَحْرِيمُ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَالتَّشَدُّدِ فِيهِ وَلَوْ بِتَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ وَتَرْكِ التَّمَتُّعِ بِهَا وَتَحْرِيمِ الْخَبَائِثِ وَالِاعْتِدَاءِ وَالْإِسْرَافِ فِي الطَّيِّبَاتِ. [رَاجِعْ ص ٤٠٥ ج ٦، ١٦ ٢٨ ج ٧ ط الْهَيْئَةِ] .
(١٣) قَاعِدَةُ إِبَاحَةِ الِاضْطِرَارِ لِلْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ فِيمَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ كَالطَّعَامِ وَمِنْهُ أَخَذَ الْفُقَهَاءُ قَوْلَهُمْ: الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ [رَاجِعْ ص ١٣٩ ج ٦ ط الْهَيْئَةِ] .