للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْحَدِيثِ هِيَ فِرَقُ الشِّيعَةِ وَأَنَّ النَّاجِيَةَ مِنْهُمْ فِرْقَةُ الْإِمَامِيَّةِ، وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ الْفِرَقِ فَجَعَلَهُمْ مِنْ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ فَكُلٌّ يَدَّعِي هَذَا الْأَمْرَ وَيُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ أَدِلَّةً:

ثُمَّ ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَمْثِلَةً مِمَّا يَقُولُهُ فَلَاسِفَةُ الْمُسْلِمِينَ وَصُوفِيَّتُهُمْ وَأَشْهَرُ فِرَقِهِمْ فِيمَا خَالَفُوا فِيهِ غَيْرَهُمْ وَمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِجَهْلِ أَكْثَرِهِمْ بِالنُّقُولِ. وَاعْتِمَادِهِمْ عَلَى النَّظَرِيَّاتِ وَالْآرَاءِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْمَعْقُولَ. ثُمَّ قَالَ:

" فَكُلٌّ يُبَرْهِنُ عَلَى أَنَّهُ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ الْوَاقِفَةُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مَتَى رَأَتْ مِنَ النُّصُوصِ مَا يُخَالِفُ مَا اعْتَقَدَتْ أَخَذَتْ فِي تَأْوِيلِهِ

وَإِرْجَاعِهِ إِلَى بَقِيَّةِ النُّصُوصِ الَّتِي تَشْهَدُ لَهَا، فَكُلٌّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ وَكُلٌّ مُطْمَئِنٌّ بِمَا لَدَيْهِ وَيُنَادِي نِدَاءَ الْمُحَقِّقِ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ. وَالْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ. فَإِنَّ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَقُولَ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ الْوَاقِفَةُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَدْ جَاءَتْ وَانْقَرَضَتْ، وَأَنَّ الْبَاقِيَ الْآنَ مِنْ غَيْرِ النَّاجِيَةِ، أَوْ أَنَّ الْفِرَقَ الْمُرَادَةَ لِصَاحِبِ الشَّرِيعَةِ لَمْ تَبْلُغِ الْآنَ الْعَدَدَ. أَوْ أَنَّ النَّاجِيَةَ إِلَى الْآنَ مَا وُجِدَتْ وَسَتُوجَدُ. أَوْ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْفِرَقِ نَاجِيَةٌ حَيْثُ إِنَّ الْكُلَّ مُطَابِقٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْأُصُولِ الْمَعْلُومَةِ لَنَا عَنْهُمْ كَالْأُلُوهِيَّةِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ، وَمَا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْلَمُ عَنْهُمْ عِلْمَ الْيَقِينِ وَإِلَّا لَمَا وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافٌ. وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْفِرَقِ سَتُوجَدُ مِنْ بَعْدُ أَوْ وُجِدَ مِنْهَا بَعْضٌ لَمْ يُعْلَمْ أَوْ عُلِمَ كَمَنْ يَدَّعِي أُلُوهِيَّةَ عَلِيٍّ كَفِرْقَةِ النُّصَيْرِيَّةِ. وَمُوجَبُ هَذَا التَّرَدُّدِ أَنَّهُ مَا مِنْ فِرْقَةٍ إِلَّا وَيَجِدُهَا النَّاظِرُ فِيهَا مُعَضَّدَةً بِكِتَابٍ وَسُنَّةٍ وَإِجْمَاعٍ وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ وَالنُّصُوصُ فِيهَا مُتَعَارِضَةٌ مِنَ الْأَطْرَافِ. وَمِمَّا يَسُرُّنِي مَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ الْهَالِكَ مِنْهُمْ وَاحِدَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>