السَّبَبُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى تَوْثِيقِ الْبَزَّارِ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْحَجَّاجُ وَهُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ الْكُوفِيُّ الْقَاضِي مُدَلِّسٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَأَوْلَى الْآثَارِ بِالْقَبُولِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْأَوَّلُ الْمُوَافِقُ الْمُتَبَادَرَ مِنَ اللُّغَةِ؛ أَيْ: طُوفَانِ الْمَطَرِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَأَوْلَاهَا بِالْقَبُولِ مَا لَا يُخَالِفُ الْقُرْآنَ مِنْ أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ نَفْسِهَا، وَهُوَ مَا نَنْقُلُهُ عَنْهَا: جَاءَ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ: (١٣) ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: بَكِّرْ فِي الْغَدَاةِ، وَقِفْ بَيْنَ يَدَيْ فِرْعَوْنَ، وَقُلْ لَهُ: " كَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ الْعِبْرَانِيِّينَ أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي (١٤) فَإِنِّي فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ مُنْزِلٌ جَمِيعَ ضَرَبَاتِي عَلَى قَلْبِكَ، وَعَلَى عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ؛ لِكَيْ تَعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلِي فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ، وَأَنَا (١٥) الْآنَ أَمُدُّ يَدِيَ وَأَضْرِبُكَ أَنْتَ وَشَعْبَكَ بِالْوَبَاءِ فَتَضْمَحِلُّ مِنَ الْأَرْضِ (١٦) غَيْرَ أَنِّي لِهَذَا أُبْقِيكَ؛ لِكَيْ أُرِيَكَ قُوَّتِي؛ وَلِكَيْ يُخْبَرَ بِاسْمِي فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ، (١٧) وَأَنْتَ لَمْ تَزَلْ مُقَاوِمًا لِشَعْبِي (١٨) هَا أَنَا (؟) مُمْطِرٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ مِنْ غَدٍ بَرْدًا عَظِيمًا جِدًّا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي مِصْرَ مُنْذُ يَوْمِ أُسِّسَتْ إِلَى الْآنِ " ثُمَّ ذَكَرَ وُقُوعَ الْبَرْدِ مَعَ نَارٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَوَصَفَ عَظَمَتَهُ وَشُمُولَهُ لِجَمِيعِ بِلَادِ مِصْرَ، وَأَنَّ فِرْعَوْنَ طَلَبَ مُوسَى وَهَارُونَ، وَاعْتَرَفَ لَهُمَا بِخَطَئِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا أَنْ يَشْفَعَا إِلَى الرَّبِّ لِيَكُفَّ هَذِهِ النَّكْبَةَ عَنْ مِصْرَ، وَوَعَدَهُمَا بِإِطْلَاقِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ فِي خِتَامِ ذَلِكَ:
(٣٣) فَخَرَجَ مُوسَى مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ إِلَى الرَّبِّ فَكَفَّتِ الرُّعُودُ وَالْبَرْدُ، وَلَمْ يَعُدِ الْمَطَرُ يَهْطِلُ عَلَى الْأَرْضِ " اهـ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَطَرَ عِنْدَ الْوَعِيدِ، بَلْ ذَكَرَ هُنَا عِنْدَ كَفِّ النَّكْبَةِ.
وَأَمَّا الْجَرَادُ فَهُوَ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْرَاةِ بَعْدَ الطُّوفَانِ، فَفِيهَا بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ فِرْعَوْنَ قَسَا قَلْبُهُ فَلَمْ يُطْلِقْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَخْبَرَ الرَّبُّ مُوسَى - كَمَا فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ - " بِأَنَّهُ قَسَا قَلْبُهُ وَقُلُوبُ عَبِيدِهِ لِيُرِيَهُمْ آيَاتِهِ، وَلِكَيْ يَقُصَّ مُوسَى عَلَى ابْنِهِ وَابْنِ ابْنِهِ (كَذَا) مَا فَعَلَ بِالْمِصْرِيِّينَ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُنْذِرَهُ بِإِرْسَالِ الْجَرَادِ عَلَيْهِمْ فَيَأْكُلَ مَا سَلَمَ مِنَ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ فَلَمْ يُحْسِهِ الْبَرْدُ، وَيَمْلَأَ بُيُوتَهُ وَبُيُوتَ عَبِيدِهِ، وَسَائِرَ بُيُوتِ الْمِصْرِيِّينَ فَفَعَلَ - فَرَضِيَ فِرْعَوْنُ أَنْ يَذْهَبَ الرِّجَالُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ لِيَعْبُدُوا رَبَّهُمْ دُونَ النِّسَاءِ وَالْأَوْلَادِ وَالْمَوَاشِي، فَمَدَّ مُوسَى عَصَاهُ بِأَمْرِ الرَّبِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute