أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الْجِرَابَيْنِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ (أَيْ: بِالثَّانِي) مَا يَقَعُ مِنَ الْفِتَنِ وَنَحْوُهُ عَنْ حُذَيْفَةَ وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ أَنْكَرَ تَحْدِيثَ أَنَسٍ لِلْحَجَّاجِ بِقِصَّةٍ الْعُرَنِيِّينَ؛ لِأَنَّهُ اتَّخَذَهَا وَسِيلَةً إِلَى مَا كَانَ يَعْتَمِدُهُ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ بِتَأْوِيلِهِ الْوَاهِي، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُقَوِّي الْبِدْعَةَ، وَظَاهِرُهُ فِي الْأَصْلِ غَيْرُ مُرَادٍ. فَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ عِنْدَ مَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ مَطْلُوبٌ وَاللهُ أَعْلَمُ اهـ.
(أَقُولُ) : هَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ تَدْخُلُ فِي بَابِ التَّعَارُضِ وَالتَّرْجِيحِ مِنَ الْأُصُولِ، أَعْنِي التَّعَارُضَ بَيْنَ مَا أَوْجَبَ اللهُ - تَعَالَى - مِنْ بَيَانِ الْعِلْمِ، وَإِظْهَارِ الشَّرْعِ وَمَا حَرَّمَ مِنَ الْكِتْمَانِ فِي قَوْلِهِ: لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ (٣: ١٨٧) وَبَيَّنَ مَا حَرَّمَ مِنَ الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ وَالْفِتْنَةِ، وَمَا وَجَبَ مِنْ سَدِّ ذَرَائِعِهَا مِمَّا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ تَحْقِيقًا لِهَذَا الْبَحْثِ وَلَيْسَ هَذَا مَحَلَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute