للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مَنَّ أَصْلَابِهِمْ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّ اللهَ رَبُّهُمْ وَمَلِيكُهُمْ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، كَمَا أَنَّهُ تَعَالَى فَطَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَلَهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ تَعَالَى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ (٣٠: ٣٠) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُولَدُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ

" يَقُولُ اللهُ: إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ "، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ حَدَّثَهُمْ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سُرَيْعٍ مِنْ بُنِيَ سَعْدٍ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَرْبَعَ غَزَوَاتٍ قَالَ: فَتَنَاوَلَ الْقَوْمُ الذُّرِّيَّةَ بَعْدَ مَا قَتَلُوا الْمُقَاتَلَةَ، فَبَلَغَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَاوَلُونَ الذُّرِّيَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَيْسُوا أَبْنَاءَ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: " إِنَّ خِيَارَكُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ، أَلَّا إِنَّهَا لَيْسَتْ نَسْمَةٌ تُولَدُ إِلَّا وُلِدَتْ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَمَا تَزَالُ عَلَيْهَا حَتَّى يُبَيِّنُ عَنْهَا لِسَانُهَا، فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا وَيُنَصِّرَانِهَا قَالَ الْحَسَنُ: وَاللهِ لَقَدْ قَالَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ الْآيَةَ. وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ هُشَيْمِ بْنِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ بْنُ سُرَيْعٍ فَذَكَرَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَاسْتِحْضَارَهُ الْآيَةَ عِنْدَ ذَلِكَ.

وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي أَخْذِ الذُّرِّيَّةِ مِنْ صُلْبِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَتَمَيُّزِهِمْ إِلَى أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَصْحَابِ الشِّمَالِ، وَفِي بَعْضِهَا الِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ اللهَ رَبُّهُمْ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عُمْرَانَ الْجَوْنَيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: " يُقَالُ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ، قَدْ أَخَذْتُ عَلَيْكَ فِي ظَهْرِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِي " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِهِ ".

(حَدِيثٌ آخَرُ) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ - يَعْنِي - ابْنَ حَازِمٍ عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: " إِنَّ اللهَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهَرَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنُعْمَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>