وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:
أَلَّا رَسُولٌ لَنَا مِنَّا يُخْبِرُنَا ... مَا بَعْدَ غَايَتِنَا مِنْ رَأْسِ نَجْرَانَا
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ أُمَيَّةُ إِلَى الْبَحْرِينِ وَتَنَبَّأَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَقَامَ أُمَيَّةَ بِالْبَحْرَيْنِ ثَمَانِي سِنِينَ، ثُمَّ قَدِمَ فَلَقِيَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَرَأَ عَلَيْهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٣٦: ١، ٢) حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، وَثَبَ أُمَيَّةُ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ فَتَبِعَتْهُ قُرَيْشٌ تَقُولُ: مَا تَقَوُّلُ يَا أُمَيَّةُ؟ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، قَالُوا: فَهَلْ تَتْبَعُهُ؟ قَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ أُمَيَّةُ إِلَى الشَّامِ وَقَدِمَ بَعْدَ وَقْعَةِ بِدْرٍ يُرِيدُ أَنْ يُسْلِمَ، فَلَمَّا أُخْبِرَ بِقَتْلَى بَدْرٍ تَرَكَ الْإِسْلَامَ، وَرَجَعَ إِلَى الطَّائِفِ فَمَاتَ بِهَا، قَالَ: فَفِيهِ أَنْزَلَ اللهُ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنِّي لَفِي حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو فَقَرَأَ
رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْأَعْرَافِ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَقَالَ: أَتُدْرُونَ مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَيْفِيُّ بْنُ الرَّاهِبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ بُلْعُمُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ: لَا. فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ بُلْعُمُ بْنُ بَاعُورَا، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ تَقُولُ: هُوَ ابْنُ الرَّاهِبِ الَّذِي بُنِيَ لَهُ مَسْجِدٌ الشِّقَاقِ، وَكَانَتْ ثَقِيفُ تَقُولُ: هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ صَيْفِيُّ بْنُ الرَّاهِبِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: هُوَ نَبِيٌّ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَعْنِي " بُلْعُمَ " أُوتِيَ النُّبُوَّةَ فَرَشَاهُ قَوْمُهُ عَلَى أَنْ يَسْكُتَ فَفَعَلَ وَتَرَكَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَانْسَلَخَ مِنْهَا قَالَ: نُزِعَ مِنْهُ الْعِلْمُ. وَفِي قَوْلِهِ: وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا قَالَ: لَرَفَعَهُ اللهُ بِعِلْمِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: بَعَثَ نَبِيُّ اللهِ مُوسَى بَلْعَامَ بْنَ بَاعُورَا إِلَى مَلِكِ مَدْيَنَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ مُوسَى يُقَدِّمُهُ فِي الشَّدَائِدِ، فَأَقْطَعَهُ وَأَرْضَاهُ فَتَرَكَ دِينَ مُوسَى وَتَبِعَ دِينَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا قَالَ: كَانَ يَعْلَمُ اسْمَ اللهِ الْأَعْظَمَ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا قَالَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرْبَهُ اللهُ لِمَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute