للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ فِي الْإِشَاعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ السُّيُوطِيِّ: الَّذِي فُهِمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْمَهْدِيَّ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَأَنَّ عِيسَى يَمْكُثُ. بَعْدَ الدَّجَّالِ أَرْبَعِينَ سَنَةً كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الدَّجَّالِ، وَأَنَّ بَعْدَ عِيسَى يَتَوَلَّى أُمَرَاءٌ مِنْهُمُ الْقَحْطَانِيُّ يَتَوَلَّى إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَلْيُفْرَضْ لِبَقِيَّتِهِمْ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ عِشْرِينَ سَنَةً أَيْضًا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ، فَهَذِهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَمَرَّ أَنَّ الدَّجَّالَ يَمْكُثُ أَرْبَعِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سِنِينَ فَلَا أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ سَنَتَيْنِ; لِأَنَّ أَيَّامَهُ طِوَالٌ، وَأَنَّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا يَمْكُثُ النَّاسُ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ

الشِّرَارَ بَعْدَ الْخِيَارِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ، وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَتَمَتَّعُونَ بَعْدَ طُلُوعِهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُسْرِعُ فِيهِمُ الْمَوْتُ فَهَذِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَقَدْ مَضَى بَعْدَ الْأَلْفِ قَرِيبٌ مِنْ ثَمَانِينَ، فَهَذِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَإِلَى تَمَامِ هَذِهِ الْمِائَةِ تَبْلُغُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ. وَقَدْ مَرَّ عَنِ السُّيُوطِيِّ أَنَّهَا لَا تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةٍ بَلْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً (٤٧: ١٨) وَقَوْلِهِ: لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً أَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ سَنَةً ١٤٠٧ فَإِنَّ عَدَدَ حُرُوفِ " بَغْتَةً " ١٤٠٧ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ، فَيُحْتَمَلُ خُرُوجُ الْمَهْدِيِّ عَلَى رَأْسِ هَذِهِ الْمِائَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَأَخَّرَ لِلْمِائَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَفُوتُهَا قَطْعًا، وَإِذَا تَأَخَّرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَبْعَثَ اللهُ عَلَى رَأْسِ هَذِهِ الْمِائَةِ مِنْ يُجَدِّدُ لِلْأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهَا، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ مَشْهُورٍ. وَهَذِهِ كُلُّهَا مَظْنُونَاتٌ وَرَدَ بِهَا آحَادُ الْأَخْبَارِ، بَعْضُهَا صِحَاحٌ، وَبَعْضُهَا حِسَانٌ وَبَعْضُهَا ضِعَافٌ مَعَ شَوَاهِدَ وَبَعْضُهَا بِغَيْرِ شَوَاهِدَ، وَغَايَةُ مَا ثَبَتَ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْكَثِيرَةِ الشَّهِيرَةِ الَّتِي بَلَغَتِ التَّوَاتُرَ الْمَعْنَوِيَّ وُجُودُ الْآيَاتِ الْعِظَامِ الَّتِي أَوَّلُهَا خُرُوجُ الْمَهْدِيِّ، وَأَنَّهُ يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، وَأَنَّهُ يُقَاتِلُ الرُّومَ فِي الْمَلْحَمَةِ وَيَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي زَمَنِهِ وَيَنْزِلُ عِيسَى وَيُصَلِّي خَلْفَهُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ كُلِّهِ أُمُورٌ مَظْنُونَةٌ أَوْ مَشْكُوكَةٌ وَاللهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.

(أَقُولُ) : قَدْ عَلِمْتَ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي عُمْرِ الدُّنْيَا حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ، وَلَا حَسَنٌ وَأَنَّ الرِّوَايَاتِ فِيهِ إِمَّا ضَعِيفَةٌ وَإِمَّا مَوْضُوعَةٌ، وَأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ كُلَّ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ مَرْفُوعٍ وَمَوْقُوفٍ وَمِنَ الْآثَارِ فَهُوَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الَّتِي بَثَّهَا فِي الْأُمَّةِ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَأَمْثَالُهُمَا، وَلَوْ فَطِنَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ لِدَسَائِسِهِمَا وَخَطَأِ مَنْ عَدَّلَهُمَا مِنْ رِجَالِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِخَفَاءِ تَلْبِيسِهِمَا عَلَيْهِمْ لَكَانَ تَحْقِيقُهُ لِهَذَا الْبَحْثِ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ.

وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ حَكِيمُ الْإِسْلَامِ الِاجْتِمَاعِيُّ ابْنُ خَلْدُونَ فِي مُقَدِّمَتِهِ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي ابْتِدَاءِ الدُّوَلِ وَالْأُمَمِ وَمَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا قَالَ: " فَكَانَ الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ آثَارًا مَنْقُولَةً عَنِ الصَّحَابَةِ وَخُصُوصًا مُسْلِمَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلَ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَأَمْثَالِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>