للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَرِيبٌ وَضَعِيفٌ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُفَصَّلَةً وَمُطَوَّلَةً وَفِيهَا زِيَادَاتٌ خُرَافِيَّةٌ، تَشْهَدُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا مِنَ الدَّسَائِسِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ، وَهَذِهِ الْآثَارُ يَعُدُّهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ قَبِيلِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ; لِأَنَّهَا لَا تُقَالُ بِالرَّأْيِ، وَالَّذِي نَعْتَقِدُهُ وَجَرْينَا عَلَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مِنْهَا مَظِنَّةٌ لِلْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الْمُتَلَقَّاةِ عَنْ مِثْلِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَهِيَ لَا يُوثَقُ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَا يُنْكِرُهُ الدِّينُ أَوِ الْعِلْمُ الصَّحِيحُ قَطَعْنَا بِبُطْلَانِهَا وَكَوْنِهَا دَسِيسَةً إِسْرَائِيلِيَّةً، وَمِنْهَا مَا نَحْنُ فِيهِ ; لِأَنَّ فِيهِ طَعْنًا صَرِيحًا فِي آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَرَمْيًا لَهُمَا بِالشِّرْكِ، وَلِذَلِكَ رَفَضَهَا بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ، وَتَكَلَّفَ آخَرُونَ فِي تَأْوِيلِهَا بِمَا تُنْكِرُهُ اللُّغَةُ. وَقَدِ اعْتَمَدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَاحِبِ فَتْحِ الْبَيَانِ، وَصَاحِبِ رُوحِ الْمَعَانِي الْأَخْذَ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ دُونَ آثَارِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، الَّتِي فِيهَا مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ رَمْيِ آدَمَ بِالشِّرْكِ الصَّرِيحِ، وَظَنَّا أَنَّهُ حُجَّةٌ، وَوَصَفَاهُ تَبَعًا لِلتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ بِالْحَسَنِ وَالصَّحِيحِ، وَمَا هُوَ بِحَسَنٍ وَلَا صَحِيحٍ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ تَفْسِيرًا لِلْآيَةِ كَتِلْكَ الْآثَارِ.

وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْخِطَابَ فِي الْآيَةِ لِقُرَيْشٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ فِيهَا بِالنَّفْسِ الْوَاحِدَةِ قُصَيٌّ جَدُّهُمْ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِجَعْلِ زَوْجِهَا مِنْهَا أَنَّهَا قُرَشِيَّةٌ أَوْ عَرَبِيَّةٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّهَا مِنْ خُزَاعَةَ لَا مِنْ قُرَيْشٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِشِرْكِهِمَا تَسْمِيَةُ أَبْنَائِهِمَا الْأَرْبَعَةِ عَبْدَ مَنَافٍ وَعَبْدَ شَمْسٍ وَعَبْدَ الْعُزَّى وَعَبْدَ الدَّارِ - يَعْنِي دَارَ النَّدْوَةِ - وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ ذَكَرَهَا بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ لَا نُضَيِّعُ الْوَقْتَ بِذِكْرِهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُذْكَرَ وَيُبَيَّنَ بُطْلَانُهُ، فَهُوَ الرِّوَايَاتُ الَّتِي انْخَدَعَ بِهَا وَلَا يَزَالُ يَنْخَدِعُ بِهَا الْكَثِيرُونَ، وَعُمْدَتُنَا فِي تَمْحِيصِهَا وَبَيَانِ عِلَلِهَا الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فَقَدْ قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ مَا نَصُّهُ: ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ هَاهُنَا آثَارًا وَأَحَادِيثَ سَأُورِدُهَا وَأُبَيِّنُ مَا فِيهَا، ثُمَّ نُتْبِعُ ذَلِكَ

بِبَيَانِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ وَبِهِ الثِّقَةُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ حَوَّاءُ طَافَ بِهَا إِبْلِيسُ وَكَانَ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فَقَالَ سَمِّيهِ عَبْدَ الْحَارِثِ فَعَاشَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ وَأَمْرِهِ " وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ بُنْدَارٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ بِهِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بِهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ مَرْفُوعًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ عَنْ هِلَالِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِهِ مَرْفُوعًا، وَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ شَاذِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>