لَوْلَا افْتَعَلْتَ نَظْمَهَا وَتَأْلِيفَهَا وَاخْتَرَعْتَهَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ؟ أَوْ إِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ مِمَّا اقْتَرَحُوا عَلَيْكَ قَالُوا: هَلَّا جَبَاهَا اللهُ لَكَ بِأَنْ مَكَّنَكَ مِنْهَا فَاجْتَبَيْتَهَا وَأَبْرَزْتَهَا لَنَا؟ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي فَمَا أَنَا بِمُبْتَدِعٍ، وَلَا مُجْتَبٍ لِشَيْءٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ بِعِلْمِي وَبَلَاغَتِي، بَلْ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ مِثْلِهِ كَعَجْزِكُمْ وَعَجْزِ سَائِرِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَفِي مَعْنَاهُ: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ (١٠: ١٥) - أَوْ مَا أَنَا بِقَادِرٍ عَلَى إِيجَادِ الْآيَةِ الْكَوْنِيَّةِ، وَلَا بِمُفْتَاتٍ عَلَى اللهِ فِي طَلَبِهَا، وَإِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ لِمَا يُوحَى إِلَيَّ فَضْلًا مِنْ رَبِّي عَلَيَّ أَنْ جَعَلَنِي الْمُبَلِّغَ عَنْهُ - وَمَا عَلَيَّ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ أَيْ: هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي أَوْحَاهُ إِلَيَّ بَصَائِرُ وَحُجَجُ نَاهِضَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ يَعُودُ مَنْ تَأَمَّلَهَا وَعَقِلَهَا بَصِيرَ الْعَقْلِ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ ; إِذْ هِيَ أَدَلُّ عَلَيْهِ مِمَّا تَطْلُبُونَ مِنَ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةِ; لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةً. وَقَدْ سَبَقَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٦: ١٠٤) فَيُرَاجَعُ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أَيْ: وَهُوَ هُدًى كَامِلٌ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ، وَرَحْمَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهِ: كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ أَيْضًا: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا
أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ (٦: ١٥٥ - ١٥٧) الْآيَةَ، قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ مُتَعَلِّقٌ بِالثَّلَاثَةِ. وَقِيلَ: بِالْهُدَى وَالرَّحْمَةِ; لِأَنَّ الْبَصِيرَةَ قَدْ يَتَأَمَّلُهَا الْعَاقِلُ فَيُؤْمِنُ.
وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute