للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِافْتِتَاحِ كُلٍّ: " الم " وَلِهَذَا قُدِّمَتِ السَّجْدَةُ عَلَى الْأَحْزَابِ الَّتِي هِيَ أَطْوَلُ مِنْهَا. هَذَا مَا فَتَحَ اللهُ بِهِ عَلَيَّ.

" ثُمَّ ذُكِرَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدَّمَ فِي مُصْحَفِهِ الْبَقَرَةَ وَالنِّسَاءَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالْأَعْرَافَ وَالْأَنْعَامَ وَالْمَائِدَةَ وَيُونُسَ، رَاعَى السَّبْعَ الطِّوَالَ فَقَدَّمَ الْأَطْوَلَ مِنْهَا فَالْأَطْوَلَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْمِئِينَ، فَقَدَّمَ بَرَاءَةَ ثُمَّ النَّحْلَ ثُمَّ هُودًا ثُمَّ يُوسُفَ ثُمَّ الْكَهْفَ وَهَكَذَا الْأَطْوَلُ فَالْأَطْوَلُ، وَجَعَلَ الْأَنْفَالَ بَعْدَ النُّورِ، وَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّ كُلًّا مَدَنِيَّةٌ وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَحْكَامٍ، وَأَنَّ فِي النُّورِ: وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ (٢٤: ٥٥) الْآيَةَ، وَفِي الْأَنْفَالِ: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ (٨: ٢٦) إِلَخْ. وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ الْآيَتَيْنِ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ، فَالْأُولَى مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْوَعْدِ بِمَا حَصَلَ، وَذَكَّرَ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَتَأَمَّلْ. انْتَهَى كَلَامُ السَّيُوطِيِّ.

(الْآلُوسِيُّ) " وَأَقُولُ: قَدْ مَنَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الْحَقِيرِ، بِمَا لَمْ يَمُنَّ بِهِ عَلَى هَذَا الْمَوْلَى الْجَلِيلِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ أَوْقَفَنِي سُبْحَانَهُ عَلَى وَجْهِ مُنَاسَبَةِ هَذِهِ السُّورَةِ لِمَا قَبْلَهَا، وَهُوَ لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ التَّوْقِيفِ فِي هَذَا الْوَضْعِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَسُؤَالُ الْحَبْرِ وَجَوَابُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَيْسَا نَصًّا فِي ذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ - عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ - فِي أَوَّلِ الْأُمُورِ الَّتِي فَتَحَ اللهُ تَعَالَى بِهَا عَلَيْهِ غَيْرُ مُلَائِمٍ بِظَاهِرِهِ ظَاهِرَ سُؤَالِ الْحَبْرِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، حَيْثُ أَفَادَ أَنَّ إِسْقَاطَ الْبَسْمَلَةِ مِنْ بَرَاءَةَ اجْتِهَادِيٌّ أَيْضًا، وَيُسْتَفَادُ مِمَّا ذَكَرَهُ خِلَافُهُ، وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ يُونُسَ سَابِعَةُ السَّبْعِ الطِّوَالِ لَيْسَ أَمْرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَابْنِ جُبَيْرٍ وَرِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهَا الْكَهْفُ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ - كَمَا قَالَ فِي إِتْقَانِهِ - إِلَى أَنَّ السَّبْعَ الطِّوَالَ أَوَّلُهَا الْبَقَرَةُ وَآخِرُهَا بَرَاءَةُ وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ عَلَى هَذَا.

وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ السَّابِعَةَ الْأَنْفَالُ وَبَرَاءَةُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْفَيْرُوزَأَبَادِيُّ فِي قَامُوسِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْأَمْرِ الثَّانِي يَعْنِي عَنْهُ مَا عَلَّلَ بِهِ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَقَدْ أَخْرَجَ النَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتِ الْأَنْفَالُ وَبَرَاءَةُ يُدْعَيَانِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَرِينَتَيْنِ؛ فَلِذَلِكَ جَعَلْتُهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مُرَاعَاةِ الْفَوَاتِحِ فِي الْمُنَاسَبَةِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ، فَإِنَّ الْجِنَّ وَالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ مُفْتَتَحَاتٌ بِـ " قُلْ " مَعَ الْفَصْلِ بِعِدَّةِ سُوَرٍ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَالْفَصْلِ بِسُورَتَيْنِ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَا يَخْلُو مَا ذَكَرَهُ عَنْ نَظَرٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ فَتَأَمَّلْ. انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ الْأَلُوسِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>