وَالْيَتَامَى - وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ، وَعَلَى هَذَا فَتَخْصِيصُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ بِالذِّكْرِ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهَا وَالتَّوْكِيدِ أَلَّا يَتَّخِذَ الْخُمُسَ وَالْفَيْءَ أَغْنِيَاؤُهُمْ دُولَةً فَيُهْمِلُوا جَانِبَ الْمُحْتَاجِينَ، وَلِسَدِّ بَابِ الظَّنِّ السَّيِّئِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَرَابَتِهِ، وَإِنَّمَا شُرِعَتِ الْأَنْفَالُ وَالْأَرْضَاخُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ كَثِيرًا مَا لَا يَقْدَمُ عَلَى مَهْلَكَةٍ إِلَّا لِشَيْءٍ يَطْمَعُ فِيهِ، وَذَلِكَ دَيْدَنٌ وَخُلُقٌ لِلنَّاسِ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَتِهِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ؛ لِأَنَّ غَنَاءَ الْفَارِسِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ وَمُؤْنَتَهُ أَكْثَرُ، وَإِنْ رَأَيْتَ حَالَ الْجُيُوشِ لَمْ تَشُكَّ أَنَّ الْفَارِسَ لَا يَطِيبُ قَلْبُهُ، وَلَا تَكْفِي مُؤْنَتُهُ إِذَا جُعَلِتْ جَائِزَتُهُ دُونَ ثَلَاثَةِ أَضْعَافِ سَهْمِ الرَّاجِلِ، لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ طَوَائِفُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَعَادَاتِهِمْ.
" قَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ " لَئِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللهُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِ الْمُشْرِكِينَ مِنْهَا ".
(أَقُولُ) : عَرَفَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ الزَّمَانَ دُوَلٌ وَسِجَالٌ، فَرُبَّمَا ضَعُفَ الْإِسْلَامُ، وَانْتَثَرَ شَمْلُهُ، فَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ فِي بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ وَمُحْتَدِهِ أَفْضَى ذَلِكَ إِلَى هَتْكِ حُرُمَاتِ اللهِ وَقَطْعِهَا، فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ حَوَالَيْ دَارِ الْعِلْمِ وَمَحِلِّ بَيْتِ اللهِ.
(وَأَيْضًا) الْمُخَالَطَةُ مَعَ الْكُفَّارِ تُفْسِدُ عَلَى النَّاسِ دِينَهُمْ، وَتُغَيِّرُ نُفُوسَهُمْ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْمُخَالَطَةِ فِي الْأَقْطَارِ أَمَرَ بِتَنْقِيَةِ الْحَرَمَيْنِ مِنْهُمْ. (وَأَيْضًا) انْكَشَفَ (لَهُ) ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَقَالَ: " إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ " الْحَدِيثَ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ سَائِرِ الْأَدْيَانِ وَاللهُ أَعْلَمُ انْتَهَى. مِنْ حُجَّةِ اللهِ الْبَالِغَةِ.
هَذَا - وَإِنَّنَا نَخْتِمُ هَذَا الْبَحْثَ بِذِكْرِ مُلَخَّصِ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ وَكِبَارِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ نَقْلًا عَنْ فَتْحِ الْبَيَانِ لِعَدَمِ تَعَصُّبِهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ قَالَ: " وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْخُمُسِ عَلَى أَقْوَالٍ سِتَّةٍ: (الْقَوْلُ الْأَوَّلُ) : قَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةٍ: فَيُجْعَلُ السُّدُسُ لِلْكَعْبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute